اسم الکتاب : ما يحتاجه الشباب المؤلف : الصادقي، أحمد الجزء : 1 صفحة : 94
وعى أيّ حال ، فهناك قصص كثيرة بشأن سعة أخلاق الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) ، وتمكّنه من استقطاب الشباب وتنمية طاقاتهم وشخصياتهم ، والاستفادة منها في مختلف مجالات الحياة السياسية والثقافية والعسكرية والاجتماعية ، وإليك نماذج منها :
1 ـ زيد بن حارثة
زيد بن حارثة : من كبار صحابة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) وخُلَّص أنصاره ، لم يفارق النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) في جميع أسفاره ، وقد جَعل من جسده وقاءً للرسول ( صلّى الله عليه وآله ) في سفره إلى الطائف ، حيث تعرّض الرسول إلى هجوم شباب المشركين الذين رموهُ بالحجارة ، فأخذَ زيد يقي الرسول بجسده ويدافع عنه [1] .
وهو الشخص الوحيد من بين أصحاب النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ، في قضية تطليق زوجته .
وقد نالَ زيد تحت تأثّره بتعاليم النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) درجة إيمانية مرموقة ، على أثرها لم يترك الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) المدينة مرّة إلاّ وجَعلهُ فيها خليفة عنه ، وتزعّم جيش الإسلام في تسع حروب بأمر الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) ، حتّى استشهد في غزوة مؤتة وكان فيها أيضاً قائداً للمسلمين .
وبملاحظة أنّ هذه الغزوة قد حَدثت في جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة ، وأنّ الرسول قد تبنّاه وهو في الثامنة من عمره ، وأقامَ معهُ ثلاث عشرة سنة في مكّة ، وثماني سنوات في المدينة ، فيمكن القول بأنّ عمره حين استشهاده لم يتجاوز الخامسة والعشرين ، إلاّ أنّ الجانب المهمّ الذي يجدر ذكرهُ هنا من حياة زيد بن حارثة ـ والذي يعكس صفاءه وشخصيته الفريدة التي نالها بفعل تأثّره بالنبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ـ هو أنّه حينما كان لهُ من العمر ثماني سنوات ذهبَ بصحبة أمّه لزيارة أقربائه من قبيلة ( بني معن ) ، وفي مدّة إقامتهم هناك تعرّضت القبيلة المذكورة لغارة شنّتها عليها قبيلة ( بني قين ) ، وقعَ فيها زيد أسيراً فيمَن أُسّر ، وكان العُرف السائد في عصر الجاهلية يقوم على بيع الأسرى واسترقاقهم ،