اسم الکتاب : ما يحتاجه الشباب المؤلف : الصادقي، أحمد الجزء : 1 صفحة : 174
هـ ـ الجِدّ والعمل
لا تندهشوا إذا اعتبرنا بذل الجُهد والعمل الجسدي أفضل وأكثر الطُرق تأثيراً في معالجة الضَعف والنقص وعُقدة الحقارة ؛ ذلك أنّ الخصوصية الأولى للعمل والمجهود الجسدي : هي أنّه يُشغل فكر الإنسان ويجعلهُ مُنهمكاً فيه ، حتّى لا يترك له فرصة الحقد والتنفيس عن العُقد .
إنّ العمل مضافاً إلى أنّه يدرّ علينا أرباحاً مادّية ويُنشّط جسمنا ، فإنّه يبعث الأمل فينا بحيث يسدّ علينا طُرق التفكير في الانتقام واحتقار الآخرين ، ولا يدع لنا فرصة حَمل الضغائن والتنفيس عن العُقد تجاه الآخرين .
وقد قال الدكتور ( صموئيل سمايلز ) بشأن القيمة العلاجية لبذل الجُهد والعمل : ( إذا اعتاد الشباب على العمل اليدوي ، فإنّهم بذلك سوف يُتقنون صنعة ويضمنون سلامتهم الجسدية ، ومضافاً إلى ذلك ينمو في أنفسهم حُبّ العمل والنفور من الكسل ، ويَظهر عليهم النشاط والخفّة ) [1] .
وعلى كلّ حال ؛ فإنّ الاحتياج المادّي يُعدّ أرضية مناسِبة لذلّة الإنسان ، ويفتح أمامهُ الطريق إلى تحقير الآخرين ، وعلاج ذلك يكمن في العمل الذي يدرّ على صاحبه الأرباح المادّية ، ويسدّ لهُ باب تحقير الآخرين .
إنّ ( كولين ) الكيميائي الشهير ، لم تكن عنده الثياب الكافية حينما كان يذهب إلى المدرسة ، إلاّ أنّ بوادر الذكاء عليه جَعلت مُعلّمه يُكثر من الثناء عليه ، وفيما بعد اشتغلَ في صيدلية فانتبهَ صاحب الصيدلية إلى قوّة ساعدَيه ، فأوكلَ إليه عملية سَحق بعض الأدوية ، إلاّ أنّ ذلك أدّى به إلى ترك الدراسة ، فاضطرّ إلى ترك العمل وانتقل إلى باريس ، إلاّ أنّه مرضَ هناك بسبب البطالة والجوع ،