فلما وقعت عينه عليه ضربه فوقعت ضربته في أليته و أخذ فجاء الطبيب إليه فنظر الى ضربته فقال له: ان السيف مسموم فاختر إما ان احمي لك حديدة فأجعلها في الضربة و أما ان اسقيك دواء فتبرأ و ينقطع نسلك، قال: أما النار فلا اطيقها، و أما النسل ففي يزيد، و عبد اللّه ما يقر به عيني و حسبي بهما، فسقاه دواء فعوفي و عالج جرحه حتى التأم و لم يولد له بعد ذلك.
و قال له البرك: إن لك عندي بشارة، قال: و ما هي، فأخبره خبر صاحبيه، و قال له: ان عليا يقتل في هذه الليلة فان قتل فأنت ولي ما تراه من أمري و إن لم يقتل فأعطيك العهود و المواثيق، انى امضي فأقتله ثم أعود إليك فلم يلتفت الى كلامه و قتله.
و أما صاحب عمرو بن العاص فانه وافاه في تلك الليلة و قد وجد علة فأخذ دواء و استخلف رجلا يصلي بالناس يقال له خارجة بن ابي حبيبة احد بني عامر ابن لوي، فخرج للصلاة و شد عليه عمرو بن بكر فضربه بسيفه فأثبته، و أخذ الرجل فأتي به عمرو بن العاص فقتله، و دخل من الغد علي خارجة و هو يجود بنفسه، فقال: أما و اللّه يا عمرو ما اراد غيرك، قال عمرو:
لكن اللّه أراد خارجة.
و أما ابن ملجم لعنه اللّه فأقبل حتى قدم مكة فلقي بها اصحابه و كتم امره مخافة ان ينتشر منه شيئا، و أنه زار رجلا من اصحابه ذات يوم من تيم الرباب، فصادف عنده قطام بنت الأخضر بن شحنة من تيم الرباب، و كان علي (عليه السلام) قتل اباها و أخاها بالنهروان و كانت من اجمل النساء فلما رآها ابن ملجم شغف بها، فخطبها فقالت له ما الذي تسمي لي من الصداق؟ فقال لها ما بدا لك، قالت أنا محتكمة لك بثلاثة آلاف درهم و وصيفة و خادم و قتل علي بن ابى طالب، فقال لها لك جميع ما سألت، و أما قتل علي فانى لي بذلك، و اللّه ما اقدمني هذا المصر إلا ما سألتني من قتل علي قالت له فأنا طالبة لك بعض ما يساعدك علي ذلك.