و ابتدأنا بما وقع النزاع فيه، فلما تم الاملاء بعون اللّه و توفيقه، بيضناه برسم خزانة اشرف بنية فى عصرنا الذي علا الناس بصرامته و بهرهم برجاحته و ساسهم بشهامته [10].
ثم ذكر الاحاديث الواردة بخصوص الامام امير المؤمنين (عليه السلام) حسب الابواب و الفصول، و لكن المؤسف كله ان نصيب الحافظ الكنجي لم يكن اقل من نصيب زميله الحافظ النسائي و لم يرق كتابه- كفاية الطالب- ذوى النفوس المريضة، فراح شرذمة منهم يندد به و يوقع فيه و يذكره بالقدح و الشتم و الجهل، و هو العيلم الفذ الذي عرف قواعد هذا العلم و مسائله معرفة وافيه بل هو في الرعيل الأول من الحفاظ الذين وضعوا هذه القواعد التي فهموها و استنبطوها من الكتاب و السنة و قواعد الدين.
و هذا إن دل على شيء فانما يدل على تضلع الحافظ الكنجي في علم الحديث و ملازمته التقوى و الصدق و الامانة و التقوى و المروءة فيما يكتبه و يؤلفه و تنقيبه الاحاديث الصحيحة، و تمييز صحيحها من زائفها بصورة عامة و اجتنابه الروايات الضعيفة و الشاذة و كل ما من شأنه الاخلال بالصدق، و هكذا نجد الحافظ الكنجي محتاطا غاية الاحتياط في الرواية فلم يأخذ و لم يذكر و لم ينقل إلا عن عدل صادق فطن يقط كما يحدثنا به في المقدمة، و نبذ احاديث المغفلين و الغالطين و أصحاب الاوهام ... و لكنه مع هذه الخصائص العلمية ضيق عليه الخناق، و حورب فخرج من الموصل متوجها الى دمشق لطلب الحديث، لأن فيها اشهر المحدثين و اعلامهم و يحفظ التاريخ في دمشق ... لهؤلاء من المؤلفات الكثيرة في الحديث و بعد وصوله لها و إقامته فيها قتل بجامع دمشق [11].