اسم الکتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 77
وأمّا الحكم بحرمته في الإسلام ، وكذا في الشرائع السابقة عليه ـ على ما يُحكى ـ فإنّما هو حكم تشريعي يتبع المصالح والمفاسد ، لا تكويني غير قابل للتغيير ، وزمامه بيد الله سبحانه ، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، فمَن الجائز أن يُبيحه يوماً لاستدعاء الضرورة ذلك ، ثمّ يُحرِّمه بعد ذلك لارتفاع الحاجة واستيجابه انتشار الفحشاء في المجتمع .
والقول : بأنّه على خلاف الفطرة ، وما شرّعه الله لأنبيائه دين فطري ، قال تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ... )[1] . فاسد ؛ فإنَّ الفطرة لا تنفيه ولا تدعو إلى خلافه من جهة تنفُّرها من هذا النوع من المباشرة ( مباشرة الأخ الأخت ) ، وإنّما تُبغضه وتنفيه من جهة تأديته إلى شيوع الفحشاء والمنكر وبطلان غريزة العفّة بذلك وارتفاعها عن المجتمع الإنساني ، ومن المعلوم أنّ هذا النوع من التماس والمباشرة إنّما ينطبق عليه عنوان الفجور والفحشاء في المجتمع العالمي اليوم ، وأمّا المجتمع يوم ليس هناك بحسب ما خلق الله سبحانه إلاّ الأخوة والأخوات ، والمشيّة الإلهيّة متعلّقة بتكثُّرهم وانبثاثهم ، فلا ينطبق عليه هذا العنوان .
والدليل على أنّ الفطرة لا تنفيه من جهة النفرة الغريزية ، تداوله بين المجوس أعصار طويلة ( على ما يقصُّه التاريخ ) ، وشيوعه قانونياً في روسيا ( على ما يُحكى ) ، وكذا شيوعه سُفاحاً من غير طريق الازدواج القانوني في أوروبا .
وربّما يُقال : إنّه مخالف للقوانين الطبيعية ، وهي التي تجري في الإنسان قبل عقده المجتمع الصالح لإسعاده ، فإنّ الاختلاط والاستيناس في