اسم الکتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 13
وأعضاء وقوى ، لها فوائد متفرّقة مادّية وروحية ، ربّما ائتلفت فقويت وعظمت كثقل كل واحد من الأجزاء ، وثقل المجموع والتمكّن والانصراف من جهة إلى جهة وغير ذلك ، وربّما لم تأتلف وبقيت على حال التباين والتفرّق ، كالسمع والبصر والذوق والإرادة والحركة ، إلاّ أنّها جميعاً من جهة الوحدة في التركيب تحت سيطرة الواحد الحادث الذي هو الإنسان ، وعند ذلك يوجد من الفوائد ما لا يوجد عند كل واحد من أجزائه ، وهي فوائد جمّة من قبيل الفعل والانفعال والفوائد الروحية والمادية ، كالنطفة ـ مثلاً ـ إذا استكملت نشأتها ، قدرت على إفراز شيء من المادة من نفسها وتربيتها إنساناً تامّاً آخر ، يفعل نظائر ما كان يفعله أصله ومحتده من الأفعال المادّية والروحية ، فأفراد الإنسان على كثرتها إنسان وهي واحد ، وأفعالها كثيرة عدداً واحدة نوعاً ، وهي تجتمع وتأتلف بمنزلة الماء يقسم إلى آنية ، فهي مياه كثيرة ذو نوع واحد ، وهي ذات خواصّ كثيرة نوعها واحد ، وكلّما جُمعت المياه في مكان واحد قويت الخاصة وعظم الأثر .
وقد اعتبر الإسلام في تربية أفراد هذا النوع وهدايتها إلى سعادتها الحقيقية ، هذا المعنى الحقيقي فيها ولا مناصّ من اعتباره .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى ... )[1] .
وقال أيضا : ( ... بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ... )[2] .
وهذه الرابطة الحقيقية بين الشخص والمجتمع ـ لا محالة ـ تؤدّي إلى كينونة أُخرى في المجتمع ، حسب ما يمدُّه الأشخاص من وجودهم وقواهم ، وخواصّهم وآثارهم ، فيتكوّن في المجتمع سنخ ما للفرد من الوجود ، وخواصّ الوجود وهو ظاهر مشهود ؛ ولذلك اعتبر القرآن للأمّة وجوداً وأجلاً ،