responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 1  صفحة : 102

قريب الوضع من وضع الروم ، فقد كان الاجتماع المدني ـ وكذا الاجتماع البيتي ـ عندهم متقوّماً بالرجال ، والنساء تبع لهم ؛ ولذا لم يكن لها استقلال في إرادة ولا فعل إلاّ تحت ولاية الرجال ، لكنّهم جميعاً ناقضوا أنفسهم بحسب الحقيقة في ذلك ، فإنّ قوانينهم الموضوعة كانت تحكم عليهن بالاستقلال ولا تحكم لهنّ إلاّ بالتبع إذا وافق نفع الرجال ، فكانت المرأة عندهم تُعاقب بجميع جرائمها بالاستقلال ، ولا تُثاب لحسناتها ولا يراعى جانبها إلاّ بالتبع وتحت ولاية الرجل .

وهذا بعينه من الشواهد الدالّة على أنّ جميع هذه القوانين ، ما كانت تراها جزءاً ضعيفاً من المجتمع الإنساني ، ذات شخصية تبعية ، بل كانت تقدّر أنّها كالجراثيم المضرّة ، مفسدة لمزاج المجتمع مضرّة بصحّتها ، غير أنّ للمجتمع حاجة ضرورية إليها من حيث بقاء النسل ، فيجب أن يُعتنى بشأنها ، وتُذاق وبال أمرها إذا جنت أو أجرمت ، ويحتلب الرجال درّها إذا أحسنت أو نفعت ، ولا تُترك على حيال إرادتها صوناً من شرّها ، كالعدوِّ القويّ الذي يُغلب فيؤخَذ أسيراً مسترقّاً ، يعيش طول حياته تحت القهر ، إن جاء بالسيئة يؤاخذ بها ، وإن جاء بالحسنة لم يُشكر لها .

وهذا الذي سمعته ـ إنّ الاجتماع كان متقوّماً عندهم بالرجال ـ هو الذي ألزمهم أن يعتقدوا أنّ الأولاد بالحقيقة هم الذكور ، وأنّ بقاء النسل ببقائهم ، وهذا هو منشأ ظهور عمل التبنّي والإلحاق بينهم ، فإنّ البيت الذي ليس لربّه ولد ذكر كان محكوماً بالخراب ، والنسل مكتوباً عليه الفناء والانقراض ، فاضطرّ هؤلاء إلى اتّخاذ أبناء ؛ صوناً عن الانقراض وموت الذكر ، فدعوا غير أبنائهم لأصلابهم أبناءً لأنفسهم ، فكانوا أبناء رسماً ، يرثون ويورثون ويرتّب عليهم آثار الأبناء الصُلبيين ، وكان الرجل منهم إذا زعم أنّه عاقر لا يولَد منه

اسم الکتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست