اسم الکتاب : قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) المؤلف : التستري، الشيخ اسد الله الجزء : 1 صفحة : 298
قلت: شتان بين من يحتال لاحقاق حقّ المسلمين من الظالمين و المبطلين كما مرّ في الفصل الثاني و الثالث عنه (عليه السلام)، و بين من يحتال على المسلمين لهضم حقوقهم و التلبيس عليهم، كان قضاياه (عليه السلام)، من الهام ربّ الناس و قضية الرجل من وسواس الخناس.
(الخامس و الثلاثون)
في شرح ابن أبي الحديد: لمّا مات النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) و شاع بين الناس موته طاف عمر على الناس قائلا: إنّه لم يمت و لكنّه غاب عنّا كما غاب موسى عن قومه، و ليرجعنّ فليقطعنّ أيدي رجال و أرجلهم يزعمون انّه مات، فجعل لا يمر بأحد يقول انّه مات إلّا يخبطه و يتوعّده، حتى جاء ابو بكر فقال: أيّها الناس من كان يعبد محمدا فانّ محمدا قد مات، و من كان يعبد ربّ محمد فانّه حيّ لم يمت. ثم تلا قوله تعالى «أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ»[1]. قالوا: فو اللّه لكأنّ الناس ما سمعوا هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، و قال عمر: لمّا سمعته يتلوها هويت إلى الأرض و علمت أن النبيّ قد مات.
(السادس و الثلاثون)
في شرحه أيضا- و رواه الطبريّ مسندا- روى عكرمة عن ابن عباس قال: و اللّه انّي لأمشي مع عمر في خلافته و ما معه غيري و هو يحدث نفسه و يضرب قدميه بدرّته، اذا التفت إليّ فقال: يا ابن عباس هل تدري ما حملني على مقالتي الّتي قلت حين توفى النبيّ؟ قلت: لا أدري أنت أعلم. قال: فانّه و اللّه ما حملني على ذلك إلا انّي كنت أقرأ هذه الآية «وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً»[2] فكنت أظنّ أنّه سيبقى بعد أمّته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها، فانّه هو الّذي حملني على أن قلت ما قلت.
و أقول: إذا كانت الامور الموجبة للقطع بوفاته بالضرورة حتى للمجانين من مشاهدة احتضاره غير مفيدة له، كيف أفادت الآية الّتي تلاها أبو بكر مع عدم دلالتها على حصول الموت و إنمّا تضمّنت تعليقا و التعليق يصحّ على ما يمتنع وجوده فضلا عن ممكن غير موجود، و لم يعرف أبو بكر أن يتلو الآية الدالة على ذلك و هي قوله تعالى «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ