فيها ؛ وهو لهذا ليس مبدأً بالمعنى الدقيق للفظ المبدأ ، لأنّ المبدأ عقيدة في الحياة ينبثق عنها نظام للحياة .
وأمّا الاشتراكية والشيوعية الماركسيتان فقد وُضعتا على قاعدة فكرية ، وهي : (الفلسفة المادّية الجدلية) . ويختصّ الإسلام بقاعدة فكرية عن الحياة لها طريقتها الخاصّة في فهم الحياة وموازينها المعيّنة لها .
فنحن ـ إذن ـ بين فلسفتين لا بدّ من دراستهما ؛ لنتبيّن القاعدة الفكرية الصحيحة للحياة التي يجب أن نشيد عليها وعينا الاجتماعي السياسي لقضية العالم كلّه ، ومقياسنا الاجتماعي والسياسي الذي نقيس به قيم الأعمال ، ونزن به أحداث الإنسانية في مشاكلها الفردية والدولية .
والعقيدة التي يرتكز عليها المبدأ تحتوي على الطريقة والفكرة ، أي : على تحديد طريقة التفكير ، وتحديد المفهوم للعالم والحياة . ولمّا كنّا لا نستهدف في هذا الكتاب الدراسات الفلسفية لذاتها ، وإنّما نريد دراسة القواعد الفكرية للمبادئ ، فسوف نقتصر على درس العنصرين الأساسيين لكلّ قاعدة فكرية ينبثق عنها نظام ، وهما : طريقة التفكير ، والمفهوم الفلسفي للعالم . فهاتان المسألتان هما مدار البحث في هذا الكتاب . ولمّا كان من الضروري تحديد الطريقة قبل تكوين المفاهيم ، فنبدأ بنظرية المعرفة التي تحتوي على تحديد معالم التفكير وطريقته وقيمته ، ويتلو بعد ذلك درس المفهوم الفلسفي العامّ عن العالم بصورة عامّة .
ويحسن بالقارئ العزيز أن يعرف قبل البدء أنّ المستفاد من الإسلام بالصميم إنّما هو : الطريقة والمفهوم ، أي : الطريقة العقلية في التفكير ، والمفهوم الإلهي للعالم . وأمّا أساليب الاستدلال وألوان البرهنة على هذا وذاك فلسنا نضيفها جميعاً إلى الإسلام ، وإنّما هي حصيلة دراسات فكرية لكبار المفكّرين من علماء المسلمين وفلاسفتهم .