responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 60

للإنسانية واستقرّر اجتماعي لها ، فهذا هو الرجاء الذي لا يتحقّق إلاّ إذا تبدّل البشر إلى أجهزة ميكانيكية يقدِم على تنظيمها عدّة من المهندسين الفنّيين .

وليست إقامة الإنسان على قاعدة ذلك الفهم المعنوي للحياة والإحساس الخلقي بها ، عملاً شاقّاً وعسيراً ؛ فإنّ الأديان في تأريخ البشرية قد قامت بأداء رسالتها الكبيرة في هذا المضمار ، وليس لجميع ما يحفل به العالم اليوم من مفاهيم معنوية ، وأحاسيس خُلُقية ، ومشاعر وعواطف نبيلة ، تعليل أوضح وأكثر منطقية من تعليل ركائزها وأُسسها بالجهود الجبّارة التي قامت بها الأديان لتهذيب الإنسانية والدافع الطبيعي في الإنسان ، وما ينبغي له من حياة وعمل .

وقد حمل الإسلام المشعل المتفجّر بالنور بعد أن بلغ البشر درجة خاصّة من الوعي ، فبشّر بالعقيدة المعنوية والخُلُقية على أوسع نطاق وأبعد مدى ، ورفع على أساسها راية إنسانية ، وأقام دولة فكرية أخذت بزمام العالم ربع قرن ، واستهدفت إلى توحيد البشر كلّه ، وجمعه على قاعدة فكرية واحدة ترسم أُسلوب الحياة ونظامها .

فالدولة الإسلامية لها وظيفتان : إحداهما تربية الإنسان على القاعدة الفكرية ، وطبعه في اتّجاهه وأحاسيسه بطابعها، والأُخرى مراقبته من خارج ، وإرجاعه إلى القاعدة إذا انحرف عنها عملياً .

ولذلك فليس الوعي السياسي للإسلام وعياً للناحية الشكلية من الحياة الاجتماعية فحسب ، بل هو وعي سياسي عميق ، مردّه إلى نظرة كلّية كاملة نحو الحياة والكون والاجتماع والسياسة والاقتصاد والأخلاق ، فهذه النظرة الشاملة هو الوعي الإسلامي الكامل .

وكلّ وعي سياسي آخر فهو إمّا أن يكون وعياً سياسياً سطحياً لا ينظر إلى العالم من زاوية معيّنة ، ولا يقيم مفاهيمه على نقطة ارتكاز خاصّة ، أو يكون وعياً

اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 60
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست