responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 46

وحبّ الذات هو الغريزة التي لا نعرف غريزة أعمّ منها وأقدم ، فكلّ الغرائز فروع هذه الغريزة وشعبها بما فيها غريزة المعيشة. فإنّ حبّ الإنسان ذاته ـ الذي يعني : حبّه للذّة والسعادة لنفسه ، وبغضه للألم والشقاء لذاته ـ هو الذي يدفع الإنسان إلى كسب معيشته وتوفير حاجياته الغذائية والمادّية . ولذا قد يضع حدّاً لحياته بالانتحار إذا وجد أنَّ تحمُّل ألم الموت أسهل عليه من تحمُّل الآلام التي تزخر بها حياته .

فالواقع الطبيعي الحقيقي ـ إذن ـ الذي يكمن وراء الحياة الإنسانية كلّها ، ويوجّهها بأصابعه هو : حبّ الذات ، الذي نعبِّر عنه بحبّ اللذّة وبغض الألم ، ولا يمكن تكليف الإنسان أن يتحمّل مختاراً مرارة الألم دون شيء من اللذّة ، في سبيل أن يلتذّ الآخرون ويتنعّموا ، إلاّ إذا سُلبت منه إنسانيّته ، وأُعطي طبيعة جديدة لا تتعشَّق اللذّة ، ولا تكره الألم .

وحتّى الألوان الرائعة من الإيثار التي نشاهدها في الإنسان ، ونسمع بها عن تأريخه ، تخضع في الحقيقة ـ أيضاً ـ لتلك القوّة المحرِّكة الرئيسية : (غريزة حبّ الذات) . فالإنسان قد يؤثر ولده أو صديقه على نفسه ، وقد يضحّي في سبيل بعض المثل والقيم ، ولكنّه لن يقدم على شيء من هذه البطولات ما لم يحسّ فيها بلذّة خاصّة ، ومنفعة تفوق الخسارة التي تنجم عن إيثاره لولده وصديقه ، أو تضحيته في سبيل مثل من المثل التي يؤمن بها .

وهكذا يمكننا أن نفسّر سلوك الإنسان بصورة عامّة في مجالات الأنانية والإيثار على حدٍّ سواء . ففي الإنسان استعدادات كثيرة للالتذاذ بأشياء متنوّعة : مادّية كالالتذاذ بالطعام والشراب ، وألوان المتعة الجنسية وما إليها من اللذائذ المادّية . أو معنوية كالالتذاذ الخُلُقي والعاطفي بقيم خُلُقية أو أليف روحيٍّ أو عقيدة معيّنة ، حين يجد الإنسان أنّ تلك القيم أو ذلك الأليف أو هذه العقيدة

اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 46
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست