responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 386

المفهوم الفلسفي للمادّة :

لمّا كانت المسألة التي نتناولها فلسفية ودقيقة إلى حدّ ما ، يجب أن نمشي بتُؤَدَة وهدوء ؛ ليتمكّن القارئ من متابعة السير . ولذا فلنبدأ ـ أوّلاً ـ بالماء والكرسي ونظائرهما ؛ لنعرف كيف صدّقت الفلسفة بأنّها مركّبة من مادّة وصورة ؟

إنّ الماء يتمثّل في مادّة سائلة ، وهو في نفس الوقت قابل لأن يكون غازاً ، ومركز هذه القابلية ليس هو السيلان ؛ لأنّ صفة السيلان لا يمكن أن تكون غازاً ، بل مركزه المادّة المحتواة في الماء السائل . فهو ـ إذن ـ مركّب من حالة السيلان ، ومادّة تتّصف بتلك الحالة ، وهي قابلة للغازية أيضاً . والكرسي يتمثّل في خشب مصنوع على هيئة خاصّة ، وهو يقبل أن يكون منضدة ، وليست هيئة الكرسي هي التي تقبل أن تكون منضدة ، بل المادّة . فعرفنا من ذلك : أنّ الكرسي مركّب من هيئة معيّنة ، ومادّة خشبية تصلح لأن تكون منضدة ، كما صلحت لأن تكون كرسياً . وهكذا في كلّ مجال إذا لوحظ أنّ الكائن الخاصّ قابل للاتّصاف بنقيض صفته الخاصّة ، فإنّ الفلسفة تبرهن بذلك على أنّ له مادّة ، وهي التي تقبل للاتّصاف بنقيض تلك الصفة الخاصّة .

ولنأخذ مسألتنا على هذا الضوء . فقد عرفنا أنّ العلم يوضّح أنّ الجسم ليس شيئاً واحداً ، بل هو مركّب من وحدات أساسية تسبح في فراغ . وهذه الوحدات باعتبارها الوحدات الأخيرة في التحليل العلمي ، فهي بدورها ليست مركّبة من ذرّات أصغر منها ، وإلاّ لم تكن الوحدات النهائية للمادّة . وهذا صحيح ، فالفلسفة تعطي للعلم حرّيته الكاملة في تعيين الوحدات النهائية التي لا يتخلّلها فراغ ولا تحتوي على أجزاء . وحينما يعيّن العلم تلك الوحدات ، يجيء دور الفلسفة ،

اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست