الجسم مركّب من أجزاء صغيرة ، يتخلّل بينها فراغ ، وأطلق على تلك الأجزاء اسم الذرّة ، أو الجزء الذي لا يتجزّأ . والنظرية الاتّصالية هي النظرية الغالبة التي أخذ بها أرسطو ورجال مدرسته . والجسم في زعم هذه النظرية ليس محتوياً على ذرّات ، ومركّباً من وحدات صغيرة ، بل هو شيء واحد متماسك يمكننا أن نقسّمه فنخلق منه أجزاء منفصلة بالتقسيم ، لا أنّه يشتمل سلفاً على أجزاء كهذه [1] .
وقد جاء بعد ذلك دور الفيزياء الحديثة ، فدرست الفكرتين درساً علمياً على ضوء اكتشافاتها في عالم الذرّة . فأقرّت الفكرتين بصورة أساسية : فكرة العناصر البسيطة ، وفكرة الذرّات ، وكشفت في مجال كلّ منهما عن حقائق جديدة لم يكن من الممكن التوصّل إليها سابقاً .
ففيما يخصّ الفكرة الأُولى استكشفت الفيزياء ما يقارب مئة من العناصر البسيطة التي تتكوّن منها المادّة الأساسية للكون والطبيعة بصورة عامّة . فالعالم وإن بدا لأوّل مرّة مجموعة هائلة من الحقائق والأنواع المختلفة ، ولكن هذا الحشد الهائل المتنوّع يرجع في التحليل العلمي إلى تلك العناصر المحدودة .
والأجسام ـ بناءً على هذا ـ قسمان : أحدهما جسم بسيط ، وهو الذي يتكوّن من أحد تلك العناصر ، كالذهب ، والنحاس ، والحديد ، والرصاص ، والزئبق . والآخر هو الجسم المركّب من عنصرين أو عدّة عناصر بسيطة ، كالماء المركّب من ذرّة أوكسجين وذرّتين من الهيدروجين ، أو الخشب المركّب في الغالب من الأوكسجين والكربون والهيدروجين .
وفيما يخصّ الفكرة الثانية برهنت الفيزياء الحديثة علمياً على النظرية الانفصالية ، وأنّ العناصر البسيطة مؤلّفة من ذرّات صغيرة ودقيقة إلى حدّ أنّ