الخاصّة . فالمفارقة بين المادّة والفاعل في الكرسي (أو في التعبير الفلسفي : بين العلّة المادّية والعلّة الفاعلية) واضحة كلّ الوضوح .
وهدفنا الرئيسي من المسألة : أن نتبيّن نفس المفارقة في نفس العالم ، بين مادته الأساسية (العلّة المادّية) والفاعل الحقيقي (العلّة الفاعلية) . فهل فاعل هذا العالم وصانعه شيء آخر خارج عن حدود المادّة ومغاير لها ، كما أنّ صانع الكرسي مغاير لمادّته الخشبية ؟ أو إنّه نفس المادّة التي تتركّب منها كائنات العالم ؟
وهذه هي المسألة التي تُقرّر المرحلة الأخيرة من مراحل النزاع الفلسفي بين الإلهية والمادّية . وليس الديالكتيك إلاّ إحدى المحاولات الفاشلة التي قامت بها المادّية للتوحيد بين العلّة الفاعلية والعلّة المادّية للعالم ، طبقاً لقوانين التناقض الديالكتيكية .
والتزاماً بطريقة الكتاب سوف نبحث المسألة بدراسة المادّة دراسة فلسفية على ضوء المقرّرات العلمية والقواعد الفلسفية ، متحاشين العمق الفلسفي في البحث ، والتفصيل في العرض .