responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 359

انتهاء عملية البناء والتعمير وإن تركها العمّال ، ولم يبقَ منهم بعد ذلك شخص على قيد الحياة . والسيّارة التي أنتجها مصنع خاصّ بفضل عمّاله الفنّيين ، تمارس نشاطها ، وقد تبقى محتفظة بجهازها الميكانيكي ، وإن تهدّم ذلك المصنع ، ومات أولئك العمّال . والمذكّرات التي سجّلها شخص بخطّه ، تبقى بعده مئات السنين ، تكشف للناس عن حياة ذلك الشخص وتأريخه . فهذه الظواهر تبرهن على أنّ المعلول يملك حرّيته بعد حدوثه ، وتزول حاجته إلى علّته .

والواقع : أنّ عرض هذه الظواهر كأمثلة لتحرّر المعلول بعد حدوثه من علّته ، نشأ من عدم التمييز بين العلّة وغيرها . فنحن إذا إدراكنا العلّة الحقيقية لتلك الأمور ـ من بناء الدار ، وجهاز السيّارة ، وكتابة المذكّرات ـ نتبيّن أنّ تلك الأمور لم تستغنِ عن العلّة في لحظة من لحظات وجودها ، وأنّ كلّ أثر طبيعي يعدم في الآن الذي يفقد فيه سببه . فما هو المعلول للعمّال المشتغلين ببناء العمارة ، إنّما هو نفس عملية البناء ، وهي عبارة عن عدّة من الحركات والتحريكات ، يقوم بها العامل بقصد جمع موادّ البناء الخام من الآجر والحديد والخشب وما إليها ... وهذه الحركات لا يمكن أن تستغني عن العمّال في وجودها ، بل تنقطع حتماً في الوقت الذي يكفّ فيه العمّال عن العمل . وأمّا الوضع الذي حصل لموادّ البناء على أثر عملية التعمير ، فهو في وجوده واستمراره معلول لخصائص تلك الموادّ ، والقوى الطبيعية العامة التي تفرض على المادّة المحافظة على وضعها وموضعها . وكذلك الأمر في سائر الأمثلة الأخرى . وهكذا يتبخّر الوهم الآنف الذكر إذا أضفنا كلّ معلول إلى علّته ، ولم نخطئ في نسبة الآثار إلى أسبابها .

[ ب ] المعارضة الميكانيكية :

وهي المعارضة التي أثارها الميكانيك الحديث على ضوء القوانين التي

اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 359
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست