responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 343

الميكانيكية إذا عجزت التجربة في بعض المجالات العلمية عن الكشف عمّا وراء الظاهرة من علل وأسباب ؛ لأنّها لم تتمّ إلاّ على أساس تجريبي ، فإذا خانتها التجربة ، ولم يبرهن عليها التطبيق العملي سقطت عن درجة الوثوق العلمي والاعتبار .

وأمّا على رأينا في العلّية القائل : إنّها مبدأ عقلي فوق التجربة ، فالموقف يختلف كلّ الاختلاف من جوانب عديدة :

أوّلاً : أنّ العلّية لا تقتصر على الظواهر الطبيعية التي تبدو في التجربة ، بل هي قانون عام للوجود في مجاله الأوسع الذي يضمّ الظواهر الطبيعية ونفس المادّة وما وراء المادّة من ألوان الوجود .

ثانياً : أنّ السبب الذي يحكم بوجوده مبدأ العلّية ، ليس من الضروري أن يخضع للتجربة ، أو أن يكون شيئاً مادّياً .

ثالثاً : أنّ عدم كشف التجربة عن وجود سبب معيّن لصيرورة ما أو لظاهرة ما ، لا يعني فشل مبدأ العلّية ؛ إذ إنّ هذا المبدأ لم يرتكز على التجربة ليتزعزع بسبب عدم توفّرها . فبالرغم من عجز التجربة عن استكشاف السبب ، يبقى الوثوق الفلسفي بوجوده ـ طبقاً لمبدأ العلّية ـ قوياً ، ويرجع فشل التجربة في الكشف عن السبب إلى أمرين : إمّا قصورها وعدم إحاطتها بالواقع المادّي والملابسات الخاصّة للحادثة ، وإمّا أنّ السبب المجهول خارج عن الحقل التجريبي ، وموجود فوق عالم الطبيعة والمادّة .

وبما سبق يمكننا أن نميّز الفوارق الأساسية بين فكرتنا عن مبدأ العلّية ، والفكرة الميكانيكية عنه . ونتبيّن أنّ الشكّ الذي أُثير حول مبدأ العلّية ، لم يكن إلاّ نتيجة لتفسيره على أساس المفهوم الميكانيكي الناقص .

اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 343
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست