responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 236

السؤال ، وهو : أنّ المائز الأساسي للمدرسة المادّية في الفلسفة هو : النفي أو الناحية السلبية ، لما يتراءى أنّه فوق طاقة العلوم التجريبية . فلا يوجد في الحقل العلمي إذن ـ أي : في النواحي الإيجابية للعلم التي تبرهن عليها التجربة ـ إلهي ومادّي . فالفيلسوف سواءٌ أكان إلهياً أم مادّياً ، يؤمن بالجانب الإيجابي من العلم ، فهما من الناحية العلمية يسلّمان ـ مثلاً ـ بأنّ (الراديوم) يولِّد طاقة من الإشعاع نتيجة لانقسام داخلي ، وبأنّ الماء يأتلف من أوكسجين وهيدروجين ، وبأنّ عنصر الهيدروجين هو أخفّ العناصر في وزنه الذرّي . ويؤمنان معاً بسائر الحقائق الإيجابية التي تظهر على الصعيد العلمي . فليس في المسألة العلمية فيلسوف إلهي وآخر مادّي ، وإنّما توجد هاتان الفلسفتان وتتعارض المادّية مع الإلهية حينما تعرض مسألة الوجود فيما وراء الطبيعة . فالإلهي يعتقد بلون من الوجود مجرّد عن المادّة ، أي : موجود خارج الحقل التجريبي ، وظواهره وقواه . والمادّي ينكر ذلك ويقصر الوجود على ذلك الحقل الخاصّ ، ويعتبر الأسباب الطبيعية التي كشفت عنها التجربة وامتدّت إليها يد العلم ، هي الأسباب الأوّلية للوجود ، وأنّ الطبيعة هي المظهر الوحيد له .

فبينما يقرّر الاتّجاه الإلهي : أنّ الروح الإنسانية أو الـ (أنا) ، ذات مجرّدة عن المادّة ، وأنّ الإدراك والفكر ظواهر مستقلّة عن الطبيعة والمادّة ، ينكر المادّي ذلك زاعماً أنّه حلّل جسم الإنسان ، وراقب عمليات الجهاز العصبي ، فلم يجد شيئاً خارج الحدود الطبيعية والمادّية ، كما يدّعي الإلهيون .

وكذلك يؤمن الاتّجاه الإلهي بأنّ التطوّرات والحركات التي يكشف عنها العلم ـ سواءٌ كانت حركات ميكانيكية تخضع لسبب مادّي خارجي ، أم حركات طبيعية غير ناشئة من مؤثّرات مادّية معيّنة بالتجربة ـ ترجع في النهاية إلى سبب خارجي وراء سياج الطبيعة والمادّة . ويعارض في ذلك المادّي زاعماً أنّ الحركة

اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 236
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست