والإجابة بالتقدير الأوّل تلخّص الفلسفة الواقعية أو المفهوم الواقعي للعالم ، والإجابة بالتقدير الثاني هي التي تقدّم المفهوم المثالي للعالم .
وفي المسألة الثانية يوضع السؤال على ضوء الفلسفة الواقعية هكذا : إذا كنّا نؤمن بواقع موضوعي للعالم ، فهل نقف في الواقعية على حدود المادّة المحسوسة ، فتكون هي السبب العامّ لجميع ظواهر الوجود والكون بما فيها من ظواهر الشعور والإدراك ؟ أو نتخطّاها إلى سبب أعمق ، إلى سبب أبدي ولانهائي بصفة المبدأ الأساسي لما ندركه من العالم بكلا مجاليه : الروحي والمادّي معاً ؟
وبذلك يوجد في الحقل الفلسفي للواقعية مفهومان : يعتبر أحدهما أنّ المادّة هي القاعدة الأساسية للوجود ، وهو : المفهوم الواقعي المادّي . ويتخطّى الآخر المادّة إلى سبب فوق الروح والطبيعة معاً ، وهو : المفهوم الواقعي الإلهي .
فبين يدينا ـ إذن ـ مفاهيم ثلاثة للعالم : المفهوم المثالي ، والمفهوم الواقعي المادّي ، والمفهوم الواقعي الإلهي . وقد يعبّر عن المثالية بالروحية نظراً إلى اعتبار الروح ، أو الأنا ، أو الشعور ، الأساس الأوّل للوجود .
تصحيح أخطاء :
وعلى هذا الضوء يجب أن نصحّح عدّة أخطاء وقع فيها بعض الكتّاب المحدَثين :
الأوّل : محاولة اعتبار الصراع بين الإلهية والمادّية مظهراً من مظاهر التعارض بين المثالية والواقعية ، فلم يفصلوا بين المسألتين اللتين قدّمناهما ، وزعموا أنّ المفهوم الفلسفي للعالم أحد أمرين : إمّا المفهوم المثالي ، وإمّا المفهوم المادّي . فتفسير العالم لا يمكن أن يقبل سوى وجهين اثنين ، فإذا فسّرت العالم تفسيراً تصوّرياً خالصاً ، وآمنت بأنّ التصوّر أو الأنا هو الينبوع الأساسي ، فأنت