وواضح : أنّ هذا الاتّجاه الماركسي يطبع كلّ معرفة بالعنصر الذاتي ، ولكنّها ذاتية طبقية لا ذاتية فردية كما كان يقرّر النسبيون الذاتيون ، وبالتالي تصبح (الحقيقة) هي : مطابقة الفكرة للمصالح الطبقية للمفكّر ؛ لأنّ كلّ مفكّر لا يستطيع أن يدرك الواقع إلاّ في حدود هذه المصالح ، ولا يمكن لأحد في هذا الضوء أن يضمن وجود الحقيقة في أيّ فكرة فلسفية أو علمية بمعنى مطابقتها للواقع الموضوعي ، وحتّى الماركسية نفسها لا تستطيع ـ ما دامت تؤمن بحتمية الطابع الطبقي ـ أن تقدّم لنا مفهومها عن الكون والمجتمع بوصفه تعبيراً مطابقاً للواقع ، وإنّما كلّ ما تستطيع أن تقرّره هو : أنّه يعكس ما يتّفق مع مصالح الطبقة العاملة من جوانب الواقع [1] .
[1] لأجل التوضيح راجع كتاب (اقتصادنا) للمؤلف ، مبحث : نظرية المادية التاريخية ، تحت عنوان : (ب ـ الفلسفة) .