responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 183

الأضواء يجب أن تقام سائر المعارف والتصديقات ، وكلّما كان الفكر أدقّ في تطبيق تلك الأضواء وتسليطها ، كان أبعد عن الخطأ . فقيمة المعرفة تتبع مقدار ارتكازها على تلك الأسس ومدى استنباطها منها ، ولذلك كان من الممكن استحصال معارف صحيحة في كلّ من الميتافيزيقا والرياضيات والطبيعيات على ضوء تلك الأسس ، وإن اختلفت الطبيعيات في شيء ، وهو : أنّ الحصول على معارف طبيعية بتطبيق الأسس الأوّلية يتوقّف على التجربة التي تهيّئ للإنسان شروط التطبيق ، وأمّا الميتافيزيقا والرياضيات فالتطبيق فيها قد لا يحتاج إلى تجربة خارجية .

وهذا هو السبب في أنّ نتائج الميتافيزيقا والرياضيات نتائج قطعية في الغالب ، دون النتائج العلمية في الطبيعيات ؛ فإنّ تطبيق الأسس الأوّلية في الطبيعيات لمّا كان محتاجاً إلى تجربة تهيّئ شروط التطبيق ، وكانت التجربة في الغالب ناقصة وقاصرة عن كشف جميع الشروط ، فلا تكون النتيجة القائمة على أساسها قطعية .

ولنأخذ لذلك مثالاً من الحرارة : فلو أردنا أن نستكشف السبب الطبيعي للحرارة ، وقمنا بدراسة عدّة تجارب علمية ، ووضعنا في نهاية المطاف النظرية القائلة : (إنّ الحركة سبب الحرارة) ، فهذه النظرية الطبيعية في الحقيقة نتيجة تطبيق لعدّة مبادئ ومعارف ضرورية على التجارب التي جمعناها ودرسناها ، ولذا فهي صحيحة ومضمونة الصحّة بمقدار ما ترتكز على تلك المبادئ الضرورية . فالعالم الطبيعي يجمع أوّل الأمر كلّ مظاهر الحرارة التي هي موضوع البحث ، كدم بعض الحيوانات والحديد المحمى والأجسام المحترقة وغير ذلك من آلاف الأشياء الحارّة ، ويبدأ بتطبيق مبدأ عقلي ضروري عليها وهو مبدأ العلّية القائل : (إنّ لكلّ حادثة سبباً) ، فيعرف بذلك أنّ لهذه المظاهر من الحرارة سبباً معيّناً ، ولكن هذا

اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست