و هكذا ترى جمع الخلفاء و الصحابة رجعوا إلى عليّ (عليه السلام)، و احتاجوا إلى علمه و قضاءه، و قد سألوا الخليل بن أحمد، عن الدليل على إمامة أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، فقال: (احتياج الكلّ إليه، و استغناؤه عن الكلّ). و لولا عليّ (عليه السلام) لهلكوا و ضلّوا، فكان حصنا لهم في النوائب، و ملاذا في الشدائد و المصائب، فكم من كربة فرّجها، و مشكلة كشفها، و قضية فصلها، و من كان كذلك كان الأولى بالاتّباع، لقوله تعالى: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ[2].
فكيف ردّوا شهادته؟ و طرحوا قوله؟ و اتّهموه بالجرّ؟ و هو أكثرهم علما، و أصوبهم حكما.
4- قبول شهادة الواحد إذا علم صدقه:
من الأحكام الثابتة في علم القضاء: قبول شهادة الواحد إذا علم القاضي صدقه، و قد عمل بهذا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) حينما قبل شهادة خزيمة بن ثابت لوحدها، و جعلها مكان شهادتين.
و لا خلاف بين أهل النقل، أنّ أعرابيا نازع النبي (صلّى اللّه عليه و آله) في ناقة، فقال (صلّى اللّه عليه و آله):
«هذه لي؛ و قد خرجت إليك من ثمنها» فقال الأعرابي: من يشهد لك بذلك؟ فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد بذلك، فقال النبي (صلّى اللّه عليه و آله) «من أين علمت و ما حضرت ذلك؟» قال: لا، ولكن علمت ذلك من حيث علمت أنّك رسول اللّه، فقال (صلّى اللّه عليه و آله):
[1] ذخائر العقبى: 79، نظم درر السمطين: 134، فيض القدير: 3/ 61، تاريخ دمشق: 42/ 170، جواهر المطالب: 1/ 297.