و قد جمعت أكثر الروايات بين: البصق و المحو و التخريق فلو أراد الأوّل بكتابة ذلك الكتاب خيرا لنفسه و لفاطمة (عليها السلام) و للأمّة حتّى لا تبقى فدك غصّة في عنق التاريخ تستتبع كلّ هذه المآسي، فإنّ الثاني قد منع هذا الخير من أولئك جميعا، و على فعله ترتّبت كلّ تلك الاعتداءات و لا تزال [1].
الزهراء تستنهض الأنصار
و اضطرّت سيّدة النساء (عليها السلام) أن تطلب النصرة من الأنصار، أولئك الذين بايعوا أباها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) على اليسر و العسر، و المحاماة له و لذرّيته، و ذلك في بيعة العقبة قبل الهجرة [2].
فجاءت إليهم بنت رسول اللّه، و ذكّرتهم ببيعتهم و عهدهم الذي عاهدوا به أباها، علّهم يفوا به.
و يا للأسف؟ لقد خانت الأنصار، فنكثوا عهدهم، و نقضوا بيعتهم، و لم يفوا لأهل بيته [3]، و لم ينصروا ابنته، بل أسلموها لمن يسرف في هضمها و ظلمها؟
[2] روى المؤرخون و منهم ابن أبي الحديد؛ عن أبي بكر الجوهري قال: «قال علي (عليه السلام): كنت مع الأنصار لمّا بايعوا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) على السمع و الطاعة له، في المحبوب و المكروه، فلمّا عزّ الإسلام و كثر أهله، قال لي: يا علي زد فيها: «على أن تمنعوا رسول اللّه و أهل بيته ممّا تمنعون منه أنفسكم و ذراريكم» فحمّلها على ظهور القوم، فوفى بها من وفى، و هلك من هلك» شرح نهج البلاغة: 6/ 44.
[3] روى أبو الفرج الأصفهاني في (مقاتل الطالبيين): أنّ الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام)، وقف مستترا في خفية، يشاهد المحامل التي حمل عليها عبد اللّه بن الحسن (عليه السلام) و أهله، في القيود و الحديد، من المدينة-
اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 286