اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 193
الخلافة، و قد رفض البيعة حينما هرع الناس إليه بعد مقتل عثمان فقال: أنا لكم وزيرا خير منّي لكم أميرا، فأبوا إلّا مبايعته، فقبلها مكرها.
بل- في رأيي- أنّ الواقع يشهد بأنّ عليّا (عليه السلام) لم يسترجع فدكا، و على هذا شواهد:
منها: أنّه (عليه السلام) صرّح بذلك في رسالته إلى عثمان بن حنيف، قائلا: «بلى كانت في أيدينا فدك، و سخت عنها نفوس قوم آخرين، فنعم الحكم اللّه».
فقوله (عليه السلام): (كانت) يدلّ على عدم رجوعها، و قوله (عليه السلام): (سخت عنها ...)
يدلّ أيضا على أنّه لم يستردّها في خلافته، و قوله (عليه السلام) (نعم الحكم اللّه) يدلّ على استمرار الغصب ... و كانت هذه الرسالة أيّام خلافته.
و منها: أنّه لم يستردّ سائر الحقوق التي غصبت منه، كحقّ الخمس، و قد ثبت ذلك تاريخيا، و بطرقنا أيضا.
و هل تطيب نفس عليّ أن يستردّ شيئا أخذ منه قهرا؟!!
أم هل تطيب نفس عليّ بأن يتنعّم بشيء منعت منه فاطمة (عليها السلام)؟!!
و مع هذا، فالذي يقوى عندي أنّه (عليه السلام) انتزعها من مروان بن الحكم- مثل سائر قطائع عثمان- و وضعها في بيت المال، ينفق غلّاتها في مصالح المسلمين برضا منه و من أولاده (عليهم السلام)، كما صنع في حقّهم من الخمس.
فهاهو ابن أبي الحديد المعتزلي يصرّح بأنّه (عليه السلام) سار بها على سيرة أبي بكر و عمر، أي صرف غلّتها على المسلمين و جعلها في بيت المال [1].
العلّة في عدم استرداده فدكا
و لنتساءل الآن: إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) أعطى كلّ ذي حقّ حقّه، كما أعلن هو