اسم الکتاب : عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام المؤلف : النراقي، المولى احمد الجزء : 1 صفحة : 50
و على هذا، فلو كان لأحد متاع، قيمته عشرون دينارا، فباعه أو باعه غيره بخمسة عشر دينارا فقد أضرّه. و لو باعه بخمسة و عشرين، فقد أوصل إليه النفع. و لو باعه بعشرين، لم يضرّه و لم ينفعه، إلّا إذا أراد المالك بيعه، فباعه الغير بهذا المبلغ بلا أجرة، فإنّ نفس ذلك البيع منفعة حاصلة للمالك من الغير.
و لو منعه مانع عن بيع متاعه، فهو ليس إضرارا، بل منع عن نفع.
و كذا لو كان له ملك ليس له نفع كقناة بائرة، و أراد إصلاحها، و منعه مانع، فإنه مانع عن تحصيل النفع، لا أنّه أضرّ به. بخلاف ما لو كان له قناة دائرة، فأرسل إليها ماءا، و خربت لأجله، فإنه ضرر. و كذا لو منعه عن تنقية بئر منها حتى خربت سائر الآبار.
و لو صرف بعض ماله في سبيل اللّه بنيّة القربة، فهو غير ضارّ بنفسه، لأنّ ما بإزائه من درجات الآخرة أضعاف ما صرف من المال. بخلاف ما لو أعطاه فقيرا، لأجل الرياء و أمثاله، و لم ينفعه نفعا دنيويا أيضا، فإنه قد أضرّ بنفسه. و هكذا.
البحث الثالث [في بيان معنى نفي الضرر و الضرار]
قال البدخشي في بيان نفي الضرر و الضرار: الضرر و المضارّة ممنوع منه شرعا.
و تحقيق ذلك: أنّ النفي ها هنا بمعنى النهي، بقرينة أنّ أصل الضرر واقع [1]. انتهى.
أقول: الحديث يحتمل معان ثلاثة:
أحدها: ما ذكره من حمل النفي على النهي، و يكون المراد: تحريم الضرر و الضرار.
و ثانيها: أن يكون النفي باقيا على حقيقته، و يكون المعنى: لا ضرر و لا ضرار مجوّزا و مشروعا في دين الإسلام. و الحاصل أنّ اللّه تعالى لم يجوّز لعباده و لم يشرّع لهم ضررا و لا ضرارا، و مآل ذلك أيضا إلى الأول، إذ
[1] شرح البدخشي «مناهج العقول في شرح منهاج الوصول» 3: 172.
اسم الکتاب : عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام المؤلف : النراقي، المولى احمد الجزء : 1 صفحة : 50