و أما الثاني: فوجهه ظاهر، و ظهر من ذلك أنّ التداخل في الأغلب قهري.
الرابعة: ما ذكرناه من أصالة التداخل إنما هو الموافق للأصل،
و إلّا فقد توجد القرينة في نفس الخطاب أو من الخارج على لزوم التعدد، فيجب اتباعه حينئذ.
و من الأول ما مرت الإشارة إليه من قول الشارع: تجب ركعتان، ثم قوله:
تستحب ركعتان، فإن المتبادر منهما بل مقتضى امتناع اجتماع الوصفين إرادة التعدد.
هذا إذا تعلق الوجوب و الاستحباب بنفس الفعل مطلقا، أمّا لو لم يكن كذلك فلا، نحو: يجب على المصلي كونه مع الوضوء، و يستحب لقارئ القرآن كونه مع الوضوء، فإنه لا دلالة لهما على تعدد الوضوء.
و كذا إذا قال: يجب الوضوء للصلاة، و يستحب لقراءة القرآن، أو من أراد الصلاة يجب عليه التوضّؤ، و من أراد التلاوة يستحب له التوضّؤ، فإنه لمّا كانا شاملين لصورة اجتماع الإرادتين أيضا، و لا يمكن إرادة وجوب الماهية و استحبابها حينئذ لامتناع اجتماعهما، فإما يخصص أحدهما بصورة عدم الاجتماع، أو يراد من أحدهما الفرد المغاير لما يأتي به للأول، و لا ترجيح، فيرجع إلى أصالة عدم التعدد، مع أن الترجيح للأول متعين، لاستلزام الثاني استعمال اللفظ في الحقيقة و المجاز، و هو غير جائز.