و مما لا شك فيه، و دلّت عليه الأخبار و الآثار: أن بعد انقضاء زمان الرسول المختار، أو مع زمان ظهور الأئمة الأطهار، صار الجور و أهله أغلب من الحق، بل الغالب في تمام هذه الأزمنة أهل الجور و العصيان، فلا يكون ظن الخير بأحد حلالا، و يكون هذا أصلا، حتى يخصص منه بعض أفراده بمخصص، كما هو المظنون في حق أكثر أهل هذه الأعصار.
و قد ظهر من ذلك: أنه لا يثبت من الأخبار في حمل فعل المسلم و قوله على الصحة و الصدق قاعدة كلية يتم الاستناد إليها.
المقام الثاني: فيما يتحصل من الآية و الإجماع و الاستقراء.
أما الآية: فهي و إن أمرت بالاجتناب عن كثير من الظن، و أفادت أن بعض الظن إثم، و لازم ذلك عند بعض: الاجتناب عن جميع الظنون، لاستدعاء الشغل اليقيني للبراءة اليقينية، إلّا أن المنهي عنه فيها هو الظن، و هو غير مفيد لما نحن بصدده كما أشرنا إليه.
و أما الإجماع: فهو و إن أمكن ادّعاؤه، بل القول بثبوته في موارد جزئية تأتي الإشارة إلى بعضها، و لكنه على سبيل الكلية- كما صرح به الفاضل المولى محمد باقر الخراساني في الكفاية [2] و غيره- غير ثابت.
كيف! و إنا لم نقف من غير بعضهم التصريح بكلية حمل جميع أفعال المسلمين و أقوالهم على الصحة و الصدق، و كلام الأكثرين- غير طائفة من المتأخرين- خال عن ذكر هذه القاعدة، و إن حملوا في بعض المواضع على ذلك للدليل الخاص به، و هو غير ثبوت الأصل الكلي.
و يكفيك في عدم ثبوت الإجماع ما ترى من الأكثر في الموارد الخاصة،