اسم الکتاب : عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام المؤلف : النراقي، المولى احمد الجزء : 1 صفحة : 208
فإن أجاب: بعدم تبدل الحقيقة في الأول و تبدلها في الثاني.
قلت: فلم تستصحب نجاسة اللبن للجبن، و الحصرم للعنب؟.
[تعليق الشارع الحكم على بعض الأسماء يدل على اختصاصه بالمسمى]
و التحقيق: أن تعليق الشارع الحكم على هذه الأسماء في نص أو دليل آخر يدل على اختصاص الحكم الثابت منه بالمسمّى بهذا الاسم، بمعنى: أنه المحكوم عليه بهذا الدليل فقط، لا بمعنى دلالته على انتفائه من غير المسمّى، فلا يعارض ما يدل على ثبوته بعد انتفاء التسمية أيضا.
و لكن الاستصحاب لا يدل على ثبوته بعد انتفائها مطلقا، يعني لا يجري الاستصحاب، لأنّ تعليق الشارع الحكم على اسم يجعله مقيدا به، فيتغير الموضوع بعد انتفاء الاسم، و لذا لا تستصحب نجاسة الكلب و العذرة بعد صيرورتهما ملحا و ترابا.
و أما استصحاب نجاسة الحنطة و القطن و الحصرم، فلأنه لم يعلّق الشارع الحكم على اسم الحنطة و القطن أصلا، و ليس هنا حكم معلق على ذلك، بل يثبت أمر عام، أحد أفراده ذلك، و ليس موضوع النجاسة الثابتة من الشرع الحنطة من حيث هي حنطة، و لذا لو قال: لا تدخل البيت ما دام فيه حنطة، يجوز دخوله إذا تبدلت بالخبز، و لذا لو نذر أحد أن يصوم ما دام في بيته القطن، لا يستصحب وجوبه بعد صيرورته غزلا، و هكذا.
و الحاصل: أنّ في مثال الحنطة و أمثالها لم يعلّق حكم شرعي على اسم الحنطة، و هو السرّ في صحة الاستصحاب، لا عدم تبدّل الحقيقة، و لا عدم اشتراط الاستصحاب ببقاء الاسم.
و مما ذكرنا يظهر سرّ ما ذكره جماعة- و هو الحق الموافق للتحقيق- من التفرقة بين الأعيان النجسة و بين المتنجسة في صحة استصحاب النجاسة بعد الاستحالة في الثانية و عدمها في الأولى [1].
[1] منهم الميرزا القمي في قوانين الأصول 2: 74، و صاحب الفصول الغروية فيها 2: 381.
اسم الکتاب : عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام المؤلف : النراقي، المولى احمد الجزء : 1 صفحة : 208