اسم الکتاب : عبقرية الشريف الرضي المؤلف : زكي مبارك، محمد الجزء : 1 صفحة : 179
العلا و المعالي في قصائد الشريف
أيها السادة:
أريناكم فيما سلف صورا كثيرة من صلة الشريف بعصره و صلاته بمن عرف فيه من علماء و شعراء و أمراء و خلفاء و ملوك، و أريناكم كيف عرف النعيم و البؤس و الضحك و البكاء.
و الآن نحدثكم عن غرامه بالمجد، و هيامه بالعلياء، و فنائه في التخلق بأخلاق الأبطال.
و الشريف في هذه الناحية هو صورة الشاعر الحق، لأن الشاعر الحق لا يخلو قلبه أبدا من التسامي إلى كرائم المقاصد و شرائف الغايات، و هو قد يلهو و قد يلعب، و لكنه يظل مشغول القلب بما يتسامى اليه، و تدور خواطره حول أمانيه في كل وقت، و إن ظنه الناس من اللاهين.
و ما رأيتم من لهو الشريف و ما سترون، لم يكن لهو خصيان، و إنما كان لهو فحول، فهو لم يكن في غرامياته من الشعراء الضعفاء الذين يستريحون إلى البكاء و الانين، و إنما كان شاعرا فحلا يرى الحسن لم يخلق إلا لغرامه الجموح، و سترون فيما بعد أنه تزوج و أنجب، و لم يترك الدّنيا إلا و هو ملء العيون و القلوب.
أيها السادة:
نحن مقبلون على مصافحة الجبل الاشمّ، نحن مقبلون على مواجهة الفارس الذي بذّ جميع الفرسان حين قال:
نبهتهم مثل عوالي الرماح # إلى الوغى قبل نموم الصباح
اسم الکتاب : عبقرية الشريف الرضي المؤلف : زكي مبارك، محمد الجزء : 1 صفحة : 179