الأئمة (عليهم السلام) من الَّذين ستقف عليهم إن شاء اللّه ممنوعة، و استناد مثل السيّد و ابن إدريس على مثل هذه الأخبار مع أنَّهم لا يعملون بأخبار الآحاد لا يستلزم كونها مقطوع العمل، لإمكان أن يكون عملهم بها لاحتفافها بالقرائن الموجبة للعلم، و لذا ترى متأخّري الأصحاب يعملون بالأخبار الضعاف المعمول بها عند المعظم لإيجابه الظنَّ بصدورها من المعصومين (عليهم السلام) حيث يعمل بها القدماء لإمكان ظهور القرائن لهم و خفائه علينا، فإنَّ القريب يرى ما لا يراه البعيد.
الوجه الثاني: أنَّ الكتب الأربعة الَّتي عليها المدار
في هذه الأعصار أعني الكافي و الفقيه و التهذيب و الاستبصار أغنتنا عن علم الرجال، حيث إنَّ مصنّفيها شهدوا بصحَّة ما فيها، حيث إنَّ الكليني و الصدوق ذكرا في أوَّل الكافي و الفقيه ما يفيد ذلك، و الشيخ قال في العُدَّة: إنَّ ما عملت به من الأخبار فهو صحيح، و ظاهرٌ أنَّ شهادة هؤلاء على صحَّة الحديث ليس بأدون من شهادة الكشّي و النجاشي و ابن الغضائري لو لم يكن أعلى.
و فيه: أنَّ الصحيح باصطلاح القدماء كما عرفت هو كلّ حديث معتضد بالقرائن المقتضية للاعتماد به، و شهادتهم بهذه الصحَّة إنَّما هو من باب الاجتهاد كما هو ظاهر كلام الصدوق رضي اللّه عنه الَّذي هو أصرح من كلام الكليني في هذا المدّعى، فإنَّه قال في أوَّل الفقيه: (إنّي لا أروي في هذا الكتاب إلا ما افتي به، و أحكم بصحَّته، و هو حجَّة بيني و بين ربّي) [1]، فإنَّ ظاهر هذا الكلام الاجتهاد في تصحيح ما فيه، و كذا ما قاله الكليني و الشيخ، بل أخفى، بل عن بعض أصحابنا المتأخّرين و نقله ابن داود أنّي تصفَّحت كتاب (العُدّة) و لم أر ذلك فيها، و كيف كان لسنا