وَصْـفُه بالاختلاف نظراً إلى صنفه ، لا إلى شخصه ؛ فإنَّ الحديث الواحد نفسه ليس بمختلَف ، إنَّما هو مخالف لغيره ممَّا قد أدَّى معناه ، كما ينبِّه عليه قوله: وهو أن يوجد حديثان متضادّان في المعنى ظاهراً[2].
قيِّد به[3]: لأنَّ الاختلاف قد يمكن معه الجمع بينهما ، فيكون الاختلاف ظاهراً خاصّة ، وقد لا يمكن ، فيكون ظاهراً وباطناً ، وعلى التقديرين: فالاختلاف ـ ظاهراً ـ متحقِّق.
وحكمُه ؛ أي حكم الحديث المختلف ، الجمع بينهما حيث يمكن الجمع ، ولو بوجهٍ بعيدٍ يوجب تخصيص العامّ منهما ، أو تقييد مطلقه ، أو حمله على خلاف ظاهره[4].
[4] قال الأستاذ أحمد محمد شاكر: (وقد كان الإمام أبو بكر بن خزيمة يقول: ليس ثمََّ حديثان متعارضان من كلّ وجه ، ومَن وجد شيئاً من ذلك فليأتني لأؤلِّف له بينهما) . الباعث الحثيث ، ص175 (الهامش).
وقال الحسن الطيبيّ: (قال ابن خزيمة: لا أعرف حديثين صحيحين متضادّين ، فمَن كان عنده فليأتني لأؤلِّف بينهما) . الخلاصة في أصول الحديث ، ص59.
[5] قال مسلم: (حدَّثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى (واللفظ لأبي الطّاهر) ، قالا: أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، قال ابن شهاب: فحدَّثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، حين قال رسول الله(صلَّى الله عليه وآله): (لا عدوى ، ولا صفر ، ولا هامة) ؛ فقال أعرابي: يا رسول الله ، فما بال الإبل تكون في الرّمل كأنَّها الظِّباء ، فيجيء البعير الأجرب فيدخل فيها فيجربها كلّها؟ قال: (فمَن أعدى الأوّل؟!) ). صحيح مسلم: 4/ 1742 ـ 1743 ، وينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/ 73.
اسم الکتاب : شرح البداية في علم الدراية المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 127