وهو ما رواه الراوي الثقةُ ، مخالفاً لِمَا رواه الجمهور ، أي: الأكثر[2] ؛ سمِّي شاذَّاً: باعتبار ما قابله ، فإنَّه مشهور . ويقال للطّرف الرّاجح: المحفوظ.
ـ 1 ـ
ثمَّ إن كان المخالف له الراجح أحفظ أو أضبط أو أعدل من راوي الشاذّ ، فشاذ مردود ؛ لشذوذه ومرجوحيَّـته ، لفقد أحد الأوصاف الثلاثة . وإن انعكس ، فكان الراوي للشاذّ أحفظ للحديث ، أو أضبط له ، أو أعدل من غيره ، من رواة مقابلة ، فلا يردّ ؛ لأنَّ في كل مهما صفة راجحةً وصفةً مرجوحةً ، فيتعارضان ، فلا ترجيح.
وكذا إن كان المخالف ، أو راوي الشاذّ مثله ؛ أي مثل الآخر في: الحفظ والضبط والعدالة ، فلا يردُّ ؛ لأنَّ ما معه من الثقة يوجب قبوله ، ولا رجحان للآخر عليه من تلك الجهة.
ـ 2 ـ
ومنهم مَن ردَّه مطلقاً ؛ نظراً إلى شذوذه ، وقوّة الظنِّ بصحّة جانب المشهور.
ـ 3 ـ
ومنهم مَن قبله مطلقاً ، نظراً إلى كون راويه ثقةً في الجملة.
ولو كان راوي الشاذّ المخالف لغيره : غير ثقةٍ ، فحديثه منكر مردود ؛ لجمعه بين الشذوذ وعدم الثِّقة.
[1] الذي في النسخة الخطِّـيَّة المعتمدة (ورقة 25 ، لوحة أ ، سطر 6): (ثاني عشرها: الشاذّ) فقط ، بدون: (الحقل الثاني عشر: في الشاذّ).
[2] يُنظر: ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة ، ص4 ، والخُلاصة في أُصول الحديث ، ص69.
وقال الشيخ البهائي (كما في الوجيزة ، ص5): (ومخالف المشهور شاذّ).
وقد علَّق المددي هنا بقوله: (مثاله: ما رواه الشيخ في التهذيب والاستبصار بأسانيد متعدّدةٍ ، بعضها صحيح ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) ، أنَّه سئل عن رجل كان في أرض باردةٍ ، فتخوَّف إنْ هو اغتسل أن يصيبه عنت من الغسل ، كيف يصنع؟ قال: يغتسل وإن أصابه ما أصابه ... إلى آخر الحديث) كما في جامع أحاديث الشيعة(3/ 50 ـ 51) ، فإنَّه مع صحَّة سنده ، وكثرة طرقه ؛ أعرض عنه الجمهور ، ولم يفتوا بمضمونه.
اسم الکتاب : شرح البداية في علم الدراية المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 118