اسم الکتاب : رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 61
فقالت: أجل أنا فضّة أمة الزهراء صلّى اللّه عليها و على أبيها و بعلها و بنيها، فقلت لها:
مرحبا بك يا فضّة أخبريني عن الزهراء عند وفاتها.
فلمّا سمعت كلامي تغرغرت عيناها بالدّموع فقالت: هيّجت عليّ حزنا ساكنا يا ورقة لمّا مات رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) كثر عليه البكاء و لم يكن أعظم عليه حزنا من فاطمة الزهراء فجلست سبعة أيّام لا يسكن أنينها، فلمّا كان اليوم الثالث أبدت ما كتمت من الحزن و صرخت و ضجّ الناس بالبكاء و خيل إلى [النسوان] [1] أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قد قام من قبره و هي تنادي:
وا ابتاه وا محمّداه أمن للقبلة و المصلّى و من لابنتك الثكلى، ثمّ أقبلت تعثر في أذيالها و لا تبصر شيئا من عثرتها حتّى دنت من قبر أبيها، فلمّا نظرت إلى الحجرة علا بكاؤها إلى أن اغمي عليها فنضحن النساء الماء عليها حتّى أفاقت، فلمّا أفاقت و هي تقول: رفعت قوّتي و خانني جلدي و شمت بي عدوّي و الحزن قاتلي يا أبتاه، بقيت و الهة وحيدة و حيرانة فريدة تنغص عيشتي و تكدر دهري بعدك فقد فنى بعدك محكم التنزيل و مهبط جبرئيل و محلّ ميكائيل انقلبت بعدك يا أبتاه الأسباب و تغلّقت دوني الأبواب ثمّ قالت شعر:
إنّ حزني عليك حزن جديد* * * و فؤادي و اللّه صب عتيد
إنّ قلبا عليك بألف صبرا* * * أو عزاء فإنّه لجليد
ثمّ نادت: يا أبتاه اسودّت بعدك الدّنيا، يا أبتاه زال نومي منذ وقع الفراق، يا أبتاه أي دمعة لفراقك لا تهمل و أيّ حزن عليك لا يتصل و أي جفن بعدك بالنوم يكتحل؟
و كيف لا تتزلزل الأرض بعدك؟.
يا أبتاه منبرك بعدك مستوحش و محرابك خال من مناجاتك و قبرك فرح بموالاتك و الجنّة مشتاقة إليك، يا أبتاه ما أعظم ظلمة مجالسك فوا أسفاه عليك إلى أن أقدم عاجلا إليك.
ثمّ زفرت زفرة و قالت:
قلّ صبري و بان عنّي عزائي* * * بعد فقدي لخاتم الأنبياء
قد بكتك الجبال و الوحش جمعا* * * و الطير و الأرض بعد بكى السماء