اسم الکتاب : رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 238
فلمّا و لجا الفراش قال الصغير للكبير: يا أخي إنّا نرجو أن نكون قد آمنّا ليلتنا هذه فتعال حتّى اعانقك و تعانقني و أشمّ ريحك و تشمّ ريحي قبل أن يفرّق الموت بيننا، ففعل الغلامان ذلك و اعتنقا و ناما.
فلمّا كان في بعض الليل أقبل صهر العجوز الفاسق حتّى قرع الباب فدخل و قد أصابه التعب، فقال: هرب غلامان من عسكر ابن زياد فنادى من جاء برأس واحد منهما فله ألف درهم و من جاء برأسيهما فله ألفا درهم و قد تعبت و لم يصل في يدي شيء، قالت العجوز: يا صهري احذر أن يكون خصمك محمّد في القيامة، فقال: الدّنيا محرص عليها، فأكل الملعون و شرب، فلمّا كان في بعض الليل سمع غطيط الغلامين في جوف الليل، فأقبل يلمس بكفّه جدار البيت حتّى وقعت يده على جنب الغلام الصغير فقال: من هذا؟
قال: أمّا أنا فصاحب المنزل، فمن أنتما؟ فأقبل الصغير يحرّك الكبير و يقول له: قم فقد وقعنا فيما كنّا نحذره.
قال لهما: من أنتما؟ قالا له: إن صدقناك فلنا الأمان؟
قال: نعم، فأخذا عليه العهود المؤكّدة [ثم] [1] قالا: يا شيخ نحن من عترة نبيّك محمّد هربنا من سجن ابن زياد من القتل فقال: من الموت هربتما و إلى الموت وقعتما، الحمد للّه الذي أظفرني بكما، فشدّ أكتافهما إلى الصباح، فلمّا أصبح دعى غلاما له أسود اسمه فليح فقال: خذ هذين الغلامين إلى شاطئ الفرات و اضرب أعناقهما و أتني برؤوسهما لأنطلق بهما إلى ابن زياد و آخذ الجائزة، فحمل الغلام السيف و مشى مع الغلامين فقالا له: يا أسود ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذّن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، قال: إنّ مولاي قد أمرني بقتلكما فمن أنتما؟
قالا: نحن من عترة النبيّ هربنا من القتل، فانكبّ الأسود على أقدامهما يقبّلهما و يقول: نفسي لنفسكما الفداء و اللّه لا يكون محمّد خصمي في القيامة، ثمّ رمى السيف و عبر الفرات إلى الجانب الآخر فصاح به مولاه: عصيتني، فقال: إذا أنت عصيت اللّه فأنا منك بريء فدعا ابنه فقال: يا بني إنّما أجمع الدّنيا حلالها و حرامها لك، فخذ هذين الغلامين إلى شاطئ الفرات و أتني برؤوسهما لآخذ الجائزة من ابن زياد فأخذ السيف و مضى مع الغلامين فقال أحدهما: