و لا يذهب عليك أنّ مرادنا هنا من طيبة النفس هو الشهوة و الموافقة للطبع، و إلّا فلا يصحّ إجبارها عليه، و يكفي في ذلك إرادتهما، و إن كان بذل المهر منافرا لطبعها، و الفرق بين الشهوة و الإرادة و النفرة و الكراهة واضح.
فإن قلت: نعم، لا تدلّ الآية على حرمة ما أخذ من باب الطلاق بعوض في غير الخلع و المباراة، و لكن الصحّة تحتاج إلى دليل، و الأصل عدم الصحّة.
قلت: قد أشرنا إلى بيان وجه الصحّة، و سنشير بعد ذلك أيضا.
بقي الكلام في أن ما ذكرته إنّما يصحّح الطلاق بعوض المبتني على طيبة النفس، فما تقول فيما لو حصلت كراهة و لم تبلغ حدّ الكراهة المعتبرة في الخلع، أو لم تعلم حقيقة الحال.
و يندفع ذلك بعدم القول بالفصل؛ إذ هؤلاء المنكرون لوجود الطلاق بعوض في غير الخلعين لا يخصّون الكلام بفرد خاصّ، بل ينكرونه مطلقا.
و لو فرض شمول الآية، فهو معارض بشمول أدلّة سائر العقود [1] عموما و خصوصا لما نحن فيه، و النسبة بينهما عموم و خصوص من وجه، فما وجه ترجيح ظاهر الآية.
اضطراب كلام صاحب الكفاية
و من عجيب ما وقع هنا ما اتّفق لصاحب الكفاية من الاضطراب و التساقط، حيث وافق الشهيد الثاني (رحمه اللّه) في بعض المواضع، و حفيده في شرح النافع في بعض آخر، و لعلّه كان في بعض العنوانات الّتي لم توجد في شرح النافع، و كان نظره إلى المسالك، و اختار مختاره، و فيما وجد من العنوان في شرح النافع تابعه غفلة عمّا اختاره أوّلا، و قد وجد بالتتبّع أنّه (رحمه اللّه) غالبا يوافق مختار صاحب المدارك و المحقّق