و لكن الّذي يظهر لي الآن بعد التأمّل أنّ ذلك لا يخلو من إشكال بملاحظة ظاهر اللفظ، و أنّ الجمع المحلّى حقيقة في العموم لا العهد، و بملاحظة تداول العلماء الاستدلال بذلك على الإطلاق، و بملاحظة عدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة في لفظ العقد، و هو في الأصل الجمع بين الشيئين بحيث يعسر الانفصال.
بيان معنى العقد
و المراد بالعقد هنا: العهد الموثّق على سبيل المجاز، تسمية المعلّق باسم المتعلّق، فالعقد هو التوثيق و التسديد في الأصل، و هو يتعلّق بالعهد و غيره.
قال الجوهري: «عقدت الحبل و العهد و البيع فانعقد» [1].
فالمراد بالعقود هنا العهود الموثّقة، كما صرّح به جماعة من المفسّرين [2].
و يمكن دفع الإشكال الأوّل مع التزام إرادة مطلق العقود و العهود الموثّقة؛ مراعاة للمعنى اللغوي بأنّ لزوم التخصيص الغير المرضيّ لو سلّمنا أكثريّة الغير المتداولة في الشرع، إنّما هو إذا أريد بعموم العقود العموم النوعي، و هو خلاف التحقيق، بل المراد هو العموم الأفرادي.
فإذا لوحظت الأفراد، فلا ريب أنّ أفراد العقود المتداولة أكثر من أفراد غيرها، سيّما في مثل البيع و الإجارة و النكاح.
فبعد منع ثبوت الحقيقة الشرعية في لفظ العقد يبقى على عموم المعنى اللغوي.
فكلّما ثبت بطلانه بدليل كالميسر و الأزلام و الربا و الرهان بغير ما جوّزوه في محلّه و المغارسة و نحوها، فيخرج و يبقى الباقي.
و إلى ذلك ينظر استدلالهم بهذه الآية في لزوم العقود اللازمة.