و قد يكون قابلا للأمرين، كالمضاربة و المناظرة [1].
و كثيرا ما يستعمل في ما لا يتحقّق المبدأ إلّا من اثنين بماهيّته [2]، كالمبايعة، فإنّ البيع لا يتحقّق إلّا بالإيجاب و القبول من شخصين متغايرين حقيقة أو حكما، شأن أحدهما الإيجاب و الآخر القبول، فلمّا كان فعل كلّ منهما له مدخليّة في تحقّق المبدأ، فينسب المبدأ إليهما جميعا، فكان كلّ واحد منهما فاعلا للمبدإ، و هما شريكان في صدور المبدأ من كلّ منهما، إمّا مجازا أو من باب التغليب.
و حاصل هذا، أنّ المبدأ في المشاركين فيه قد يكون فردا شخصيا كالبيع، و قد يكون فردين من نوع كالضرب. و من هذا الباب المضاربة بمعنى القراض، و المزارعة، و المساقاة، و أمثالها.
إذا عرفت هذا فاعلم، أنّ ما يمكن أن يقال في بيان عدم كونها عقدا مستقلا: إنّ المعاوضة من قبيل المبايعة، فإنّها عبارة عن تعويض الشيء بشيء آخر، فكما تتحقّق المبايعة بإيجاب أحد المتعاقدين و قبول الآخر، و لا يحتاج إلى إيجاب الآخر و قبول الأوّل ثانيا، فكذا المعاوضة تحصل بجعل أحدهما ماله معوّضا و مال الآخر عوضا مع قبول الآخر، و لا تحتاج إلى جعل الآخر ماله معوّضا و مال الآخر عوضا مع قبول الأوّل.
فمجرد [3] إمكان أن يجعل كلّ واحد من العوضين عوضا و معوّضا- كما في صورة السؤال- لا يستلزم أن تعتبر في كلّ منهما العوضيّة و المعوّضية، بل يكفي اعتبار كون أحدهما معوّضا و الآخر عوضا، غاية الأمر كون الطرفين مخيّرين في الابتداء بالتعويض، فيصير ماله معوّضا و الآخر عوضا.
فلو بادر أحدهما بالتعويض و قبل الآخر، فماله معوّض، و مال الآخر عوض، و به