تحليل المؤلف لخروج بعض الأصحاب عن مدلول بعض الأدلّة
و كي نعرف و يتّضح لنا فلسفة ما ذهب إليه المحشّي في عمله الكبير، و نعلم سبب أمثال هذه الانحرافات عنده مع ما تفرّد به من المباني أو اهتمّ بها، نسرّدها و نشير إليها ضمن بعض النقاط:
أ: عدم الدقّة في موارد حرمة التعدّي عن النصّ و وجوبه؛
هناك خلط عندهم بين أصلين مهمّين لم يفرق بينهما غالبا، و هما عدم جواز التعدّي عن النصّ و وجوب التعدّي عنه؛ إذ لم يفرق بين التعدّي الواجب و الحرام، و من الواضح وجود موارد كثيرة في الفقه قد تجاوز مدلول النصّ و تعدّي عنه حتّى ذهب جمع من الأخباريّين و نزر من الاصوليّين إلى عدّ مثل ذاك نوعا من القياس، و لذا ردّوه.
مع أنّا نجد أنّ هناك موارد يلزم فيها التعدي، و في بعض الموارد يحرم، و المرحوم الوحيد- طاب ثراه- في مقام بيان موارد التعدي الواجب و الحرام يقول:
و عدم الفرق بين المقامين أعظم خطرا على المجتهد، فلو كان أحد لم يفرق، و لم يعرف ما به الفرق يخرّب في الدين تخريبات كثيرة من أوّل الفقه إلى آخره .. كما وجدنا غير واحد من العلماء أنّهم يفعلون كذلك [1].
و قال في شرح مقدّمة المفاتيح- في مقام ردّه لاتّهام عمل أعلام الطائفة بالقياس- ما نصّه: و غالب المواضع التي طعنوا بالقياس وجدنا- بعنوان اليقين- أنّه ليس بقياس أصلا، لاطّلاعنا على دليل التعدّي، و جزمنا بأنّ الطاعن إمّا قاصر، أو غافل، أو معاند [2].