responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية الإرشاد المؤلف : الشهيد الثاني    الجزء : 0  صفحة : 296

كان عالما فاضلا جليل القدر رفيع المنزلة تقيّا نقيّا ورعا زاهدا عابدا، حائزا لصفات الكمال، متفرّدا منها بما لا يشاركه فيه غيره، مفخرة من مفاخر الكون و حسنة من حسنات الزمان. كان فقيها ماهرا في الدرجة العليا بين الفقهاء. و الفقه أظهر و أشهر فنونه، و كتبه فيه. مدار التدريس من عصره حتى اليوم، و محطّ أنظار المؤلّفين و المصنّفين، و مرجع العلماء و المجتهدين.

و ما ظنّك برجل يؤلّف مؤلّفاته الجليلة الخالدة على مرور الدهور و الأعوام في حالة الخوف على دمه، لا يشغله ذلك عنها مع ما تقتضيه هذه الحالة من توزّع الفكر و اشتغال البال من التفكير بمسألة من مسائل العلم يؤلّفها بين جدران البيوت المتواضعة و حيطان الكروم، لا في قصور شاهقة و رياض ناضرة، و لا مساعد له و لا معين حتّى على تدبير معاشه.

و ما ظنّك برجل من أعظم العلماء و أكابر الفقهاء يحرس الكرم ليلا و يطالع الدروس، و في الصباح يلقي الدروس على الطلبة- و كرمه الذي كان له في جبع معروف محلة إلى الآن- و يحتطب لعياله ليلا. و يباشر بناء داره و مسجده الذي هو جنبها في قرية جبع- و قد رأيتهما- و داره مفتوحة للضيوف و الواردين و غيرهم يخدمهم بنفسه، و يباشر أمور بيته و معاشه. و لا يدع لحظة تمضي من عمره في غير اكتساب فضيلة و إفادة مستفيد. [1].

و قال في وصفه تلميذه ابن العودي:.

و لقد كان مع علوّ همّته و سموّ منزلته على غاية من التواضع و لين الجانب، و يبذل جهده مع كلّ وارد في تحصيل ما يبتغيه من المطالب. إذا اجتمع بالأصحاب عدّ نفسه كواحد منهم، و لم تمل نفسه إلى التمييز بشيء عنهم.

و لقد شاهدت منه سنة ورودي إلى خدمته أنّه كان ينقل الحطب على حمار في الليل لعياله، و يصلّي الصبح في المسجد، و يشتغل بالتدريس بقيّة نهاره.

و كان يصلّي العشاء جماعة، و يذهب لحفظ الكرم، و يصلّي الصبح في


[1] «أعيان الشيعة» ج 7، ص 144- 146.

اسم الکتاب : حاشية الإرشاد المؤلف : الشهيد الثاني    الجزء : 0  صفحة : 296
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست