و منها: ما دلّ على عدم قبول عمل المرائي كقول أبي جعفر (عليه السلام) في رواية أبي الجارود- على ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره-: «إنّ رسول اللّٰه (صلى الله عليه و آله و سلم) قال: لا يقبل اللّٰه عمل مراءٍ» [1].
و قول الصادق (عليه السلام) في خبر السكوني: «قال النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم): إنّ الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجاً به، فإذا صعد بحسناته يقول اللّٰه عزّ و جلّ: اجعلوها في سجّين، إنّه ليس إيّاي أراد به» [2].
و قوله (عليه السلام) أيضاً في خبر عقبة: «إنّ ما كان للّٰه فهو للّٰه، و ما كان للناس فلا يصعد إلى اللّٰه» [3].
و قوله (عليه السلام) أيضاً في خبر ابن أسباط: «قال اللّٰه تعالى: أنا أغنى الأغنياء عن الشريك، فمن أشرك معي غيري لم أقبله إلّا ما كان خالصاً لي» [4]. إلى غير ذلك من الأخبار.
و دعوى أنّ القبول أعمّ من الصحّة [5]- بقرينة قوله تعالى: (إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اللّٰهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)[6] و نحوه- لا شاهد عليها، مع مخالفتها الظاهر و المتبادر، و الآية محمولة على ضرب من المجاز حتى عنده [المدّعي]، لعدم اشتراطه التقوى في القبول.
4- و قد يستدلّ عليه أيضاً بأخبار النيّة كقوله (صلى الله عليه و آله و سلم): «إنّما الأعمال بالنيّات و لكلّ امرئ ما نوى، فمن كان هجرته ...» [7]
الحديث.
فإنّه و إن قلنا بكون النيّة حقيقة في القصد، لكن يراد منها- و لو مجازاً- في مثل هذه الخطابات، النيّة الخاصّة.
5- و بأنّ عدم الإخلاص ينافي نيّة القربة الثابت اشتراطها بالإجماع المنقول [8] و المحصّل، و المراد بها على ما تقدّم فعل المكلّف المأمور به بعنوان أمر اللّٰه به خاصّة.
و ما يقال:
إنّه قد يظهر من المرتضى النزاع في أصل اشتراطها و إن قال بوجوبها إلّا أنّه تعبّدي لا شرطي، لذكره العبادة المقصود بها الرياء، و هو ظاهر في غير ضميمة الرياء، فلا يجتمع مع القربة.
يدفعه- مع بعده، و عدم معروفية نزاعه في ذلك- أنّه غير قادح في الإجماع المدّعى. على أنّه في غير الإجماع ممّا دلّ على اشتراطها غنية.
كلّ ذا فيما نافى الإخلاص من الرياء، أمّا ما لا ينافيه كما إذا اخذ الرياء ضميمة تابعة، أو كان كلّ من القربة
[1] تفسير القمّي 2: 47، و فيه: «عمل مراءاة». الوسائل 1: 68، ب 11 من مقدّمة العبادات، ح 13.