responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جواهر الكلام في ثوبه الجديد المؤلف : النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 428

و إذ قد ظهر لك المراد من النيّة علمت أنّ الأمر فيها في غاية السهولة (1).

لكن لمّا كان لا يكفي في صحّة العبادة وجود النيّة بالمعنى المتقدّم [أي القصد]، بل لا بدّ من ملاحظة القربة منها و حصول الإخلاص، و هو في غاية الصعوبة، بل هو الجهاد الأكبر للنفس الأمّارة بالسوء (2)، و كانت القربة في حال الإخلاص من متعلّقات النيّة- إذ يجب عليه قصد الفعل امتثالًا للّٰه خاصّة- صعب أمر النيّة من هذه الجهة، و صحّ اشتراطها في العبادات دون المعاملات، و بحث عنها المتأخّرون (3).

[عدم اعتبار الإخطار بالبال]:

[و هل يعتبر الإخطار بالبال للقصد؟] (4).


(1) إذ لا ينفكّ فعل العاقل المختار حال عدم السهو و النسيان عن قصد للفعل و إرادة له. و من هنا قال بعضهم: إنّه لو كلّفنا اللّٰه الفعل بغير نيّة لكان تكليفاً بالمحال [1]، و هو حسن بناءً على ما ذكرنا من معنى النيّة [و هو القصد]، بل لعلّه لذا أغفل المتقدّمون ذكرها و بيان شرطيّتها.

(2) كما لا يخفى على من لاحظ الأخبار [2] الواردة في الرياء و الحذر عنه، و أنّه أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة المظلمة.

(3) بل لعلّ المتقدّمين بذكرهم في أوائل كتبهم اشتراط الإخلاص في العبادة و التحذير من الرياء و نحوه اكتفوا عن ذكر النيّة بمعنى القصد؛ لعدم إمكان حصول الإخلاص بدونه. و بما ذكرنا ظهر لك مراد من جعل أمر النيّة في غاية السهولة، و كذا من جعلها في غاية الصعوبة؛ لاختلاف الحيثيتين.

(4) إلّا أنّه ربّما ظهر من بعض عبارات بعض الأصحاب صعوبة اخرى للنيّة من غير تلك الحيثيّة، و ذلك لأنّه جعلها عبارة عن هذا الحديث النفسي و التصوّر الفكري، فلا يكتفى بدون الإخطار بالبال للقصد مع ما يعتبر معه من القربة و الوجه و غيرهما مقارناً لأوّل العمل، فبسببه يحصل بعض أحوال لهم تشبه أحوال المجانين.

وليت شعري أ ليست النيّة في الوضوء و الصلاة و غيرهما من العبادات كغيرها من سائر أفعال المكلّفين من قيامهم و قعودهم و أكلهم و شربهم؟!

فإنّ كلّ عاقل غير غافل و لا ذاهل لا يصدر عنه فعل من هذه الأفعال إلّا مع قصد و نيّة سابقة عليه، ناشئة من تصوّر ما يترتّب عليه من الأغراض الباعثة و الأسباب الحاملة على ذلك الفعل، بل هو أمر طبيعي و خلق جبلّي، و مع هذا لا ترى المكلّف في حال إرادة فعل من هذه الأفعال يعتريه شيء من تلك الوسوسة و ذلك الإشكال، بل هو بالنسبة إلى العبادات الاخر من الزيارات 2/ 80/ 151

و الصدقات و عيادة المرضى و قضاء الحوائج و الأدعية و الأذكار و قراءة القرآن و نحو ذلك لا يعتريه شيء من تلك الأحوال، بل هو فيها على حسب سائر أفعال العقلاء.

فما أعرف ما ذا يعتريه في مثل الوضوء؟!


[1] المصابيح: 283.

[2] لآلي الأخبار 4: 57.

اسم الکتاب : جواهر الكلام في ثوبه الجديد المؤلف : النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 428
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست