ثمّ إنّ [النزاع في غير المعتاد هل يختصّ بالبول و الغائط، أو أنّه يجري في الريح أيضاً؟ و الأقوى في النظر عدم كون مطلق الريح ناقضاً، بل يدور ناقضيّته على صدق الضرطة و الفسوة] (1).
نعم، الظاهر صدق الضرطة و الفسوة على ما لو اتّفق أنّه خلق اللّٰه مخرجه على غير النحو المعتاد، بل و يحتمل إلحاق منسدّ الطبيعي مع انفتاح غيره به (2).
(1) الظاهر من عبارة المصنّف و جملة من الأصحاب، بل أكثرهم تخصيص النزاع في البول و الغائط، و هما اللذان ذكرهما الشيخ (رحمه الله) في مبسوطه و خلافه و ابن إدريس في سرائره [1] و غيرهما.
بل صرّح ابن إدريس بأنّ الريح الغير الخارجة من الدبر على وجه متيقّن كالخارجة من فرج المرأة أو مسام البدن ليست ناقضة.
و يظهر من بعضهم [2] جريان النزاع فيه، بمعنى أنّه إن خرجت الريح من غير المعتاد نقضت مع الاعتياد و إلّا فلا، من غير فرق لما كان الاعتياد لها نفسها أو لها مع الغائط مثلًا.
و هو و إن كان يؤيّده ما ذكرنا من الأخبار المطلقة في نقض البول و الغائط و الريح فجميع ما تقدّم فيهما جارٍ فيه، لكن الأقوى في النظر الفرق بينهما؛ لكونه من المعلوم أنّه لا يراد بالريح [الناقض] أيَّ ريح تكون، فإنّ الجشاء و نحوه لا ينقض إجماعاً، بل المراد المسمّاة بالضرطة و الفسوة، فمتى حصل ذلك قلنا به و إلّا فلا، بخلاف البول و الغائط، فإنّ الحكم معلّق على البوليّة و الغائطيّة.
(2) بل لعلّ قول العلّامة في المنتهى: «لو اتّفق المخرج في غير الموضع المعتاد خلقة انتقضت الطهارة بخروج الحدث منه إجماعاً؛ لأنّه ممّا أنعم به، و كذا لو انسدّ المعتاد و انفتح غيره» [3] يشهد له.
و من ذلك يعرف الحال فيما ذكره ابن إدريس من [الريح] الخارج من فرج المرأة.
فما يظهر من بعضهم [4] من الفرق بينه [/ فرج المرأة] و بين ذكر الرجل- بأنّ للفرج منفذاً للجوف دون الذكر- في غير محلّه؛ إذ قد عرفت أنّ الضابط ليس ذلك، بل ما تقدّم، و هو غير صادق على الخارج منهما.
فإن قلت: إنّ قوله (عليه السلام) «لا ينقض إلّا ما خرج من طرفيك» قاضٍ بأنّ الأصل فيما يخرج من الطرفين أن يكون ناقضاً سيّما مثل الامور الثلاثة [البول و الغائط و الريح] فينبغي أن يفرّق بين الطرفين و غيرهما في هذا الحكم.
قلت: فيه:
أوّلًا: منع هذا الأصل، إذ لقائل أن يقول: إنّها لا تفيد إلّا حصر الناقض في الخارج لا حصر الخارج في الناقض.
و ثانياً: أنّه [قوله (عليه السلام): «لا ينقض إلّا ما خرج من طرفيك»] ظاهر في أنّ الطرفين كلّ لِما اعدّا للخروج منه.
و ثالثاً: تعليق الحكم على الضرطة و الفسوة حاكم على ذلك [الأصل]، و لو اتّفق أنّه يخرج من فمه كما يتّفق في بعض الأمراض، فبناءً على نقض الريح الخارجة منه كيف يفرّق بينه و بين الجشاء، فهل يتمسّك بالأصل فلا ينقض حتى يعلم أو لا؟