4- و قول الكاظم (عليه السلام) في خبر أخيه عليّ بن جعفر (عليه السلام) المروي عن قرب الإسناد: سألته عن العقرب و الخنفساء و أشباههم فيموت في الجرّة أو الدن [1]، يتوضّأ منه للصلاة؟ قال: «لا بأس به» [2]. 5- و قد يستدلّ عليهما بقول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن مسكان:
«كلّ شيء سقط في البئر ليس له دم مثل العقارب و الخنافس و أشباه ذلك فلا بأس» [3]. 6- و قوله (عليه السلام) أيضاً:
«لا يفسد الماء إلّا ما كانت له نفس سائلة» [4]. 7- و قوله (عليه السلام) أيضاً- بعد أن سئل عن الخنفساء و الذباب و الجراد و النملة و ما أشبه ذلك، يموت في البئر و الزيت و السمن و شبهه؟ قال-: «كلّ ما ليس له دم فلا بأس به» 5، و المراد ما لا نفس له سائلة.
8- مضافاً إلى ما سمعته فيما لا يؤكل لحمه، و إلى ما تسمع من الإجماعات الآتية في المسألة الثانية: على أنّ ما لا نفس له سائلة لا يفسد الماء و لا المائع. اللّهم إلّا أن يقال- من جهة تقارب ما بين المسألتين مع نقل [6] ناقل الإجماع، خلاف الشيخ-: إنّ المراد بالإجماع في غير الوزغ و العقرب. لكن في السرائر في آخر بحث منزوحات البئر: «فإذا مات فيها عقرب أو وزغة فلا ينجس، و لا يجب أن ينزح منها شيء بغير خلاف من محصِّل، و لا يلتفت إلى ما يوجد في سواد الكتب من غير واحدٍ، أو رواية شاذة ضعيفة مخالفة لُاصول المذهب، و هو أنّ الإجماع منعقد: أنّ موت ما لا نفس له سائلة لا ينجّس الماء و لا المائع بغير خلاف بينهم» 7.
و كيف كان، فدليل الشيخ:
أ- في الوزغ: 1- ما سمعت من رواية الغنوي. 2- بل رواية عمّار عن الصادق (عليه السلام)، قال: سُئل عن العظاية تقع في اللبن؟ قال: «يحرم [اللبن]، و قال: إنّ فيها السمّ» [8]. بناءً على أنّ العظاية من الوزغ، لكن عن مجمع البحرين: «أنّ العظاء ممدوداً دويبة أكبر من الوزغ، الواحدة عظاءَة و عظاية» [9]. و عليه يخرج عن محل النزاع، بل لا أجد قائلًا به، نعم عن المقنع 10 أنّه أفتى بمضمونه.
ب- و على العقرب: 1- ما ورد من الأمر بالإراقة في خبر أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام): سألته عن الخنفساء تقع في الماء [أ يتوضّأ منه]؟ قال: « [نعم] لا بأس به، قلت: فالعقرب؟ قال: أرِقه» [11]. 2- و قول الصادق (عليه السلام) في خبر سماعة بعد أن سأله عن جرّة وجد فيها خنفساء قد مات؟ قال: «ألقه و توضّأ منه، و إن كان عقرباً فأرق الماء و توضّأ من ماء غيره» 12.
و في الجميع- بعد الغضّ عمّا في السند، و ظهور رواية عمّار السابقة في أنّ المنع من جهة «السمّ» لا من جهة «النجاسة»، و عليه يحمل الأمر بالإراقة، مع أنّه لا دلالة بالأمر بالإراقة على التنجيس من دون جابر- أنّ المتّجه بعد ما عرفت و الموافق لُاصول المذهب، حمل الأمر الوارد في الخبرين على الاستحباب، و [حمل] قوله (عليه السلام): «غير الوزغ؛ فإنّه لا ينتفع بما يقع فيه» على الكراهة. و لعلّ الأصحاب استفادوا الكراهة في العقرب: 1- من الأمر بالإراقة التي تجري مجرى التنجيس. 2- أو لأنّ كلّ أمرٍ بالترك يستفاد منه ذلك؛ إذ هو معنى النهي عن الفعل. 3- أو للبناء على أنّ ترك المستحب مكروه.
[1] الدِّنّ: واحد الدنان، و هي الحباب. مجمع البحرين 6: 248.