و قال في الذكرى: «و طهر القليل بمطهّر الكثير ممازجاً، فلو وصل بكرّ مماسّة لم يطهر؛ للتمييز المقتضي؛ لاختصاص كلٍّ بحكمه، و لو كان الملاقاة بعد الاتّصال و لو بساقية لم ينجس القليل مع مساواة السطحين أو علوّ الكثير» [1].
و قال في الدروس: «لو كان الجاري لا عن مادة و لاقته النجاسة لم ينجس ما فوقها مطلقاً، و لا ما تحتها إن كان جميعه كرّاً فصاعداً إلّا مع التغيّر». ثمّ قال: «لو اتّصل الواقف بالجاري اتّحدا مع مساواة سطحيهما، أو كون الجاري أعلى لا العكس، و يكفي في العلوّ فوران الجاري من تحت الواقف» [2].
و قال العلّامة (رحمه الله) في القواعد: «لو اتّصل الواقف القليل بالجاري لم ينجس بالملاقاة و لو تغيّر بعضه بها اختصّ المتغيّر منه بالتنجيس» [3].
و قال المحقّق الثاني في شرح ذلك: «يشترط في هذا الحكم علوّ الجاري، أو مساواة السطوح، أو فوران الجاري من تحت القليل إذا كان الجاري أسفل؛ لانتفاء تقويمه بدون ذلك» [4].
و قال هذا المحقّق- بعد قول العلّامة (رحمه الله): «و ماء الحمّام كالجاري إن كانت له مادة هي كرّ فصاعداً» 5-:
«اشتراط الكرّية في المادة إنّما هو مع عدم استواء السطوح بأن يكون المادة أعلى أو أسفل، لكن مع اشتراط القاهرية بفوران و نحوه في هذا القسم، أمّا مع استواء السطوح فيكفي بلوغ المجموع كرّاً كالغديرين إذا وصل بينهما بساقية» 6.
قلت: و يظهر من الشهيد الثاني [7] و بعض من تأخّر 8 عنه عدم اشتراط شيء من استواء السطوح، فيتقوّى السافل بالعالي و العالي بالسافل. و يؤيّده إطلاق النصّ و الفتوى:
1- أمّا النصّ فقوله (عليه السلام): «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء».
2- و أمّا الفتوى فإنّه:
أوّلًا: قد ذكروا حكم الكرّ من غير تقييد.
[ثانياً]: و ذكروا مسألة الغديرين و أنّه لو وصل بينهما بساقية اتّحدا، و لم يقيّدوا أيضاً.
[ثالثاً]: و ذكروا أيضاً مسألة اتّصال القليل الواقف بالجاري و أنّه يتّحد معه من غير تقييد بالاستواء و نحوه.
[رابعاً]: و ذكروا أيضاً في نجاسة الجاري: أنّه ينجس متى تغيّر، و لو قطع التغيّر عمود الماء لم ينجس ما فوق المتغيّر مطلقاً، و نجس ما تحته إن لم يبلغ كرّاً، فإنّه لو لا تقوّي الأعلى بالأسفل لنجس ما تحته سواء كان كرّاً أو لا؛ لتحقّق النجاسة في الملاصق للمتغيّر، و المفروض أنّه لا يتقوّى بما تحته على فرض السفل، فتأمّل.