و هم بين قائل بعدم الفرق بين كون المتمّم طاهراً أو متنجّساً، و هو الظاهر من السرائر لكنّه اشترط فيها كون الزيادة يطلق عليها اسم الماء [1]، و قائل باشتراط كون الإتمام بطاهر. و لم نقف على من اكتفى بالإتمام بالبول و نحوه، و إن اقتضاه نقل الخلاف في هذه المسألة على لسان بعضهم و ما تسمعه من أدلّتهم.
و كيف كان، فالأقوى ما ذهب إليه المصنّف:
1- للاستصحاب.
2- و إطلاق كثير من أدلّة القليل الشاملة لصورة الإتمام بكرّ.
3- و النهي عن استعمال غسالة الحمّام [2]، مع أنّها غالباً تبلغ أكراراً.
4- مع شمول ما دلّ على النجاسة بالتغيّر [3] لما كانت النجاسة مغيّرة للقليل ثمّ زال بالإتمام بكرّ. و ممّا يرشد إلى ذلك أيضاً أنّ ابن إدريس الذي حكم هنا بالطهارة بالإتمام بكرّ- لما تسمعه من الأدلّة- قال بعدم طهارة الكرّ المتغيّر بزوال تغييره [4]، فتأمّل، فإنّه قد يفرّق بينهما.
5- كلّ هذا مضافاً إلى الاستبعاد، سيّما على القول بالإتمام بالماء النجس، و أبعد منه الإتمام بعين النجاسة إذا استهلكت و صارت ماء، بل يكاد يقطع المتأمّل في مذاق الشرع بعدمه.
و أقصى ما يستدلّ به للقول بالطهارة:
1، 2- الأصل براءةً و طهارةً.
3- و العموم و الإطلاق في [أدلّة] المياه الشامل للمقام. و العلم بخروج غير هذا الفرد [أي القليل غير المتمّم] لا يقضي بخروجه [المتمّم] منه.
4- و ما رواه في السرائر من قول الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) مدّعياً أنّه المجمع عليه بين المخالف و المؤالف: «إذا بلغ الماء كرّاً لم يحمل خبثاً» 5.
5- و ما فيها أيضاً: «أنّ إجماع أصحابنا على هذه المسألة إلّا من عرف اسمه و نسبه» 6 انتهى.
6- و بأنّه لو لم يحكم بالطهارة بذلك لم يحكم بطهارة الماء الذي وجد فيه نجاسة إذا لم يعلم كونها قبل الكرّية و بعدها.
7- و بأنّ الكثرة إن كانت مانعة من قبول الماء الانفعال فلا فرق في ذلك بين سبقها و لحوقها.
و في الكلّ نظر، أمّا الأوّل و الثاني: فلا يعارض الاستصحاب؛ لكونه خاصّاً، مع عدم جريان أصل البراءة في بعض صور المسألة كالوضوء و الغسل في وجه، فتأمّل و لاحظ ما ذكرناه في الماء القليل.