ان كان المراد منه صرف الارادة فهو ايضا خارج عن محل البحث لانه إرادة ارتكاب حرام واقعي لا ما تخيله حراما، و لم يكن حراما في الواقع كما في موارد التجري.
فالصحيح في الجمع أن يقال: ان ما دل على ان الانسان يعاقب على نية السوء يكون المراد منه استحقاق العقاب لا فعليته.
و ما دل على عدم العقاب يكون المراد منه عدم فعليته لا نفي أصل الاستحقاق، بل عدم الفعلية من ناحية العفو و الشاهد على هذا النحو من الجمع مضافا الى ان التعبير في اخبار العقاب لا يدل على أزيد من الاستحقاق، كقوله: «فيه اثم الرضا و إثم الدخول» كما لا تخفى على من راجع الاخبار التي ذكرها الشيخ الاعظم (ره) في الرسائل، ان الاخبار الدالة على العقاب صريحة في استحقاقه و ظاهرة في فعليته، و الاخبار الدالة على نفي العقاب صريحة في نفي الفعلية و ظاهرة في نفي الاستحقاق فيرفع اليد عن ظاهر كل منهما لصريح الاخرى، فتكون النتيجة ثبوت الاستحقاق و العفو عن الفعلية.
المقام الثاني
أما المقام الثاني: و هو قبح الفعل المتجرّى به عقلا.
فتارة يكون الكلام في مقابل الشيخ الاعظم (ره) الذي ينكر قبح التجري فعلياً و فاعلياً، و يقول: ان التجرّي لا يدل إلا على سوء سريرة العبد و خبث طينته.
و اخرى يقع الكلام مع المحقق النائيني (قده) الذي يقول بقبح التجرّي فاعليا فقط، و ينكر قبحه فعليا.
اما الكلام مع الشيخ الأعظم (ره) فيمكن ان يقرب دعواه بأن حرمة التجري عقلا و قبحه لا بد ان يكون من جهة التعدي على المولى و حق المولوية، و التعدي على حق المولى دائر امره بين ثلاث صور: