لا يعني سلب صفة الصدق عنه، بل سلب صفة ضمان الحقانية؛ لان ما هو مضمون الحقانية هو العقل البرهاني خاصة، و كيف كان، فان اريد الأول فهو يرجع الى الجهة الثالثة أي البحث في حقانية الادراك و عدمه، و سيأتي الكلام عنها ان شاء الله تعالى.
و إن اريد الثاني فليس له محصل إلَّا بالغاء العقل العملي رأساً، و جعل هذا اللفظ مجرد اصطلاح.
توضيح ذلك ان المدرك بالعقل العملي على الوجه الثاني إما أن يكون هو نفس تطابق العقلاء على صحة المدح و الذم، و إن متعلق التطابق، و الأول الغاء للعقل العملي لأن تطابق العقلاء على المدح و الذم قضية واقعية كتطابقهم على حب اولادهم مثلًا، أو على الاشمئزاز من الروائح الكريهة، و كل ذلك مما يدركه العقل النظري بحتاً، و إن كان الثاني فمتعلق التطابق هو صحة المدح و الذم، و هذا المتعلق إما ان يكون له نحو من الواقعية بقطع النظر عن عمل العقلاء، و إما أن يكون مرجعه الى عملين من العقلاء أحدهما تشريعي و هو جعل القانون، و الآخر خارجي و هو تنفيذ القانون، و الأول هو المطلوب، و الثاني مما يدرك بالعقل النظري لا العملي، فان حال قانون العقلاء هو حال قانون الشارع و كون الجاعل هو العقلاء أو الشارع أو عاقلا واحداً دون غيره من العقلاء لا يوجب فرقاً في سنخ هذه القضايا ادراكاً و لا مدركاً. هذا تمام الكلام في الجهة الثانية.
الجهة الثالثة [مدى حقانية هذا الادراك العقلى]
يقع الكلام في الجهة الثالثة في مقامات ثلاثة:
المقام الأول: في تصوير ما هو المدعى في المعقول بالعقل العملي.
المقام الثاني: فيما يبرهن به على نفي هذا المدعى.
المقام الثالث: بعد فرض عدم قيام برهان نافٍ نتكلم عن مقدار ضمان حقّانية هذا المدّعى و ثبوته.