و السلطنة على النفوس و الأعراض و الأموال منصب جليل، لا يكاد تنالها و لا يصحّ إشغالها إلّا من امتحنه اللَّه بشدائد و كان معصوماً من الزلل و الخطأ.
بل لم يُعط ذلك المنصب الرفيع لكلّ معصوم، بل للأوحدي منهم؛ و لذا لم يعط إبراهيم (عليه السلام)- مع عصمته و رسالته و خُلّته- إلّا بعد ابتلائه بالامتحانات و الابتلاءات العظيمة في اخريات عمره المبارك.
فمناسبة الحكم و الموضوع و سوق الآية الشريفة تشهدان بأنّ الظالم- و لو آناً ما- و العابد للصنم- و لو آناً ما من الزمان- غير لائقين لمنصب الإمامة، فما ظنّك في من عبد الصنم مُدّة [1]
. أضف إلى ذلك: أنّ الاستدلال بالآية الشريفة لا تزيد عن دائرة الاستعمال، و قد قرّر في محلّه: أنّه أعمّ من الحقيقة، فتدبّر.
[1]- يعجبني ذكر تقريب لطيف موجز لدلالة الآية المباركة على عصمة الإمام، أفاده بعض أساتذة استاذنا العلّامة الطباطبائي (قدس سره) و هو الحكيم المتألّه السيد حسين البادكوبئي، و هو أنّ الناس بحسب القسمة العقلية على أربعة أقسام: 1- من كان ظالماً في جميع عمره. 2- و من لم يكن ظالماً في جميع عمره. 3- و من هو ظالم في أوّل عمره دون آخره. 4- و من هو بالعكس، و إبراهيم (عليه السلام) أجلّ شأناً أن يسأل الإمامة للقسم الأوّل و الرابع من ذرّيته، فيبقى قسمان و قد نفى اللَّه تعالى أحدهما، و هو الذي يكون ظالماً في أوّل عمره دون آخره، فبقي الآخر و هو الذي يكون غير ظالم في جميع عمره (أ)، انتهى. [المقرّر حفظه اللَّه].