و المراد بالإذعان بالوقوع في الجملة الخبرية ليس هو العلم الواقعي بوقوع النسبة؛ ضرورة أنّه قد يخبر المتكلّم و هو شاكّ، بل قد يخبر و هو عالم بعدم الوقوع.
بل المراد منه هو عقد القلب على الوقوع؛ جعلًا على نحو يكون القاطع معتقداً.
و كان سيّدنا الاستاذ- نوّر اللَّه ضريحه [1]- يعبّر عن هذا المعنى ب «التجزّم».
و حاصل إشكاله في الجمل الإنشائية: هو أنّ كون الألفاظ علّة لتحقّق معانيها لم يكن له معنىً محصّلًا عندي؛ بداهة أنّ العلّية المذكورة ليست من ذاتيات اللفظ، و ما ليس علّة ذاتاً لا يمكن جعله علّة؛ لعدم قابلية العلّية و أمثالها للجعل، كما تقرّر في محلّه.
و الذي أتعقّله في الجمل الإنشائية: هي أنّها موضوعة للحكاية عن حقائق موجودة في النفس، مثلًا هيئة «افعل» موضوعة للحكاية عن حقيقة الإرادة الموجودة في النفس؛ فمن قال: «اضرب زيداً» و كان في نفسه مريداً لذلك فقد أعطت الهيئة المذكورة معناها، بخلاف ما إذا قاله و لم يكن مريداً واقعاً؛ فإنّ الهيئة المذكورة ما استعملت في معناها.
نعم، بملاحظة حكايتها عن معناها ينتزع عنوان آخر لم يكن متحقّقاً قبل ذلك؛ و هو عنوان يسمّى بالوجوب.
و واضح: أنّ هذا العنوان المتأخّر ليس معنى الهيئة؛ لما عرفت أنّه منتزع من كشف اللفظ عن معناه، و لا يعقل أن يكون عين معناه.
إن قلت: يلزم على ما ذكر أنّه لو أتى بألفاظ دالّة على المعاني الإنشائية، و لكن لم يكن في نفس المريد معانيها- كالأوامر الصادرة في مقام الامتحان و التعجيز و نحو