لانتقال الذهن إلى ضدّ آخر، و لكنّه حينئذٍ يكون الوضع كالموضوع له عامّاً.
و بالجملة: تصوّر المصداق بما له من الخصوصيّة المقوِّمة له- حيث يكون مُبايناً للكلّي- لا يكون مرآةً و حاكياً عنه، و سببيّة انتقال الذهن إلى الكلي أحياناً لا توجب كونه خاصّاً، بل الملحوظ عند ذلك حال الوضع هو المعنى الثاني المنتقل إليه، و هو عامّ [1]
. و قال المحقّق النائيني (قدس سره) في وجه امتناع تصوير هذا القسم: بأنّ الخاصّ جزئيّ، و من هنا قيل: إنّ الجزئيّ لا يكون كاسباً و لا مُكتَسباً [2]
. أقول: لا يخفى أنّ ما ذكروه لا يخلو عن نظر:
أمّا ما ذكره العَلَمان ففيه: أنّه- كما أشرنا إليه آنفاً- أنّ وزان الوضع الخاصّ و الموضوع له العامّ وزان عكسه في الامتناع و الإمكان، و يرتضعان من ثدي واحد، و ذلك: إن كان عدم الحكاية لمباينة الخاصّ بخصوصيّته الفرديّة مع العامّ في عالم المفهوميّة، و مُباينة المصداق- لما له من الخصوصيّات- مع الكلي، فليكن في عكسه كذلك؛ بداهة أنّ لحاظ الإنسان- مثلًا- و تصوّره مُجرّداً عن الخصوصيّات لا يحكي إلّا عن نفس الطبيعة، فيمتنع وضع اللّفظ لمصاديقه؛ لكونها مجهولة حال الوضع، و لا بدّ لوضع اللّفظ لشيء أن يكون ملحوظاً و لو بوجه، و المفروض أنّه لم تلحظ الخصوصيّات بوجه.
إن قلت: إنّ لحاظ الطبيعة و إن لم يكن وجهاً للحاظ مصاديقه، إلّا أنّه آلة لانتقال الذهن منها إليها، دون العكس.
ففيه أوّلًا: أنّه لو كفى ذلك في وضع العامّ و الموضوع له الخاصّ، فليكن لحاظ الخاصّ كافياً لانتقال الذهن منه إلى العامّ، فيوضع اللّفظ للعامّ.