و لا بما يكون مقيّداً بها، فلا تكون هي المسمّيات، و لا ما هو مقيّد بها، فذكر (قدس سره)- في توضيح ذلك- مطالب لا ترتبط بما نحن فيه إلّا بعضها.
و حاصل ما أفاده ممّا يرتبط بما نحن فيه: هو أنّ الفعل الاختياري تارة يكون علّة أو جزءاً أخيراً لحصول أثر؛ بحيث لا يتوسّط بين الفعل و بين ذلك الأثر شيء أصلًا، كالإلقاء في النار بالنسبة إلى الإحراق؛ حيث إنّ أثر الإحراق يترتّب على الإلقاء في النار؛ من دون أنّ يتوسّط بينهما شيء أصلًا.
و أُخرى يكون مُقدّمة إعداديّة لترتّب الأثر عليه، و يتوسّط بين الفعل الاختياري و بين الأثر أُمور أُخرى، كالزرع بالنسبة إلى حصول السُّنْبُلة، فإنّ البَذْر و السقي و الحرث ليس علّة تامّة لحصول السّنبلة، بل يحتاج مع ذلك إلى توسيط أُمور بين ذلك و بين الفعل الاختياري؛ من إشراق الشمس، و نزول المطر ... و غير ذلك، و إلى هذا يشير الشاعر بقوله:
ابر و باد و مه و خورشيد و فلك در كارند* * * تا تو نانى بكف آرى و به غفلت نخورى
ففي القسم الأوّل: كما يصحّ تعلّق إرادة الفاعل بالفعل الاختياري الذي يكون سبباً لحصول الأثر، فكذلك يصحّ تعلّقها بالأثر المسبّب عنه؛ لأنّ قدرته على المسبّب عين قدرته على السبب، و يكون تعلّق الإرادة بكلٍّ منهما عين الإرادة بالآخر.
و أمّا في القسم الثاني: فلا يصحّ تعلّق إرادة الفاعل بالأثر؛ لخروجه عن قدرة المكلّف و اختياره، فالإرادة الفاعليّة مقصورة التعلّق بالفعل الاختياري، و ذلك الأثر لا يكون إلّا داعياً للفعل الاختياري.
هذا هو الملاك و الضابط الكلي للتمييز بين باب الدواعي و بين باب المسبّبات